للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمضاف إضافة غير محضة نكرة، وإن كان مضافًا إلى معرفة كقوله تعالى: {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: ٩٥]، فبالغ الكعبة نكرة، ولذا وصف بها النكرة، وكذا (مررت برجل طويل القامة) فطويل القامة نكرة ولذا وصفت بها النكرة.

وهذه الإضافة لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا، بخلاف المحضة.

أما أنها لا تفيد تعريفا، فلأنا تصف النكرات، كقولك (مررت برجل حسن الوجه) وأما أنها لا تفيد تخصيصا، فلأن التخصيص كان قبل الإضافة، فقولك (هو ضارب خالدٍ) أصله (هو ضاربٌ خالدًا) ثم أضفته إلى مفعوله، وكذلك (هو حسن الوجه) أصله (هو حسن وجهه) ثم أضفته، فالتخصيص حاصل قبل الإضافة، وهي لم تكسبه تخصيصا جديدًا، وإنما هي تفيد التخفيف أو رفع القبح كما يقول النحاة.

فقولك (هو ضارب خالدٍ) أخف من (هو ضارب خالدا) وذلك لحذف التنوين منه، وأما رفع القبح فنحو (هو حسن الوجه) فإنك أما تقولها برفع الوجه، أو نصبه او جره فإذا رفعت الوجه وقلت (محمد حسن الوجه) لم يكن ثمة ضمير في الخبر يعود على الموصوف (محمد) لأن الخبر أخذ مرفوعه الظاهر، وهو (الوجه) فلا يرفع ضميرًا وظاهرا، وإذا نصبته فقلت (محمد حسن الوجه) كنت أجريت الوصف القاصر، مجري المتعدي، وفي الجر تخلص من هذين (١). إضافة إلى التخفيف بحذف التنوين.

والحق فيما نرى أن ليست الإضافة لأحد هذين الغرضين، وإنما هي لغرض آخر يختلف عن الأعمال، إذ لو كان التخفيف هو الغرض لاستعمال كذلك مطلقا، وامتنع الأعمال في حين نرى الاستعمالين جاريين: الإضافة والأعمال، قال تعالى {وما أنت بتابع قبلتهم} [البقرة: ١٤٥]، بالأعمال، وقال: {ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} [آل عمران: ٩]، بالإضافة.


(١) انظر الأشموني ٢/ ٢٤١، حاشية الخضري ٢/ ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>