للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنه أكتسب التأنيث من المضاف إليه لأنه جزء منه، وقال تعالى: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} [الشعراء: ٤]، فأخبر عن الأعناق وهي مؤنثة بقوله {خاضعين} وكان القياس أن يقول (حاضعة) ولكنه عاملها معاملة المذكر، وذلك لأن المضاف إليه مذكر والأعناق جزء منهم.

وقال جرير:

لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سوء المدينة والجبال الخشع

وقال العجاج:

طول الليالي أسرعت في نقضي ... نقضن كلي ونقضن بعضي

وقال الاخر

إنارة العقل مكسوف بطوع هوي ... وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

وجاء في كلامهم (ذهبت بعض أصابعه) (١).

فإن لم يكن المضاف صالحا للحذف، ولا كلا أو بعضا، أو كبعض لم يجز فلا تقول: (جاءت غلام زينب) ولا (ذهبت ابن فاطمة).

وإنما يحسن ما ذكرناه إذا كان يؤدى معنى لا يؤديه الأصل.

فما يؤديه التوسع في المعنى، وذلك أنه إذا أجرى حكم المضاف إليه على المضاف في التذكير والتأنيث، فإنه يريد بذلك أن ينتظمهما معا في الحكم، ولا يخص المضاف وحده به.

فمن المعلوم أنك إذا قلت: (جاء غلام سعيد) كان الجيء للغلام وحده، ولكن إذا قلت: (أفنتنا تتابع السنين) كان في تأنيث الفعل إشارة إلى أنك تريد السنين أيضا فكأنك قلت: (أفتنا السنون وتتابعها) وهذا توسع في المعنى، لأنه كسب معنيين في تعبير واحد.


(١) انظر كتاب سيبويه: ١/ ٢٥ - ٢٦، شرح الرضي على الكافية ١/ ٣٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>