للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن النحاة يقولون - كما مر آنفا - في هذه الظروف إن المضاف إليه حذف، ونوي معناه، ولم يوضحوا المقصود بقولهم (نوي معناه) توضيحًا شافيًا.

فقد قال الصبان: " والذي يظهر لي أن معنى نية المضاف إليه، أن يلاحظ معنى المضاف إليه ومسماه، معبرًا عنه بأي عبارة كانت، وأي لفظ كان، فيكون خصوص اللفظ غير ملتفت إليه بخلاف نية المضاف إليه" (١).

وجاء في (حاشية الخضري): " أشتهر أن المراد بذلك أن ينوي معنى الإضافة وهي نسبة الجزئية الخاصة في (بعد زيد) مثلا، وذلك المعنى هو نسبة البعدية إلى خصوص زيد، وأمانية اللفظ فهي أن يكون لفظ المضاف إليه ملحوظًا ومقدرًا في نظم الكلام كالثابت (٢).

والذي أراه أنه ليس ثمة مضاف إليه محذوف، كما ذهب إليه النحاة، وإنما هو في الحقيقة ظرف معرف بالقصد، أي ظرف معلوم للمتكلم، أو للخاطب فقوله تعالى: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف} يدل على أن ذلك الزمان معلوم للمخاطبين.

ومما يرجح ذلك:

أنه قد يضعف تقدير مضاف إليه، وذلك كقوله تعالى: {قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} [البقرة: ٩١]، فليس ثمة مضاف إليه محذوف بعد كلمة (قبل)، وإنما المراد بهذا الزمان زمان معين معلوم عند المخاطبين، ومعلوم إن المخاطبين لم يقتلوا أنبياء الله، وإنما المقصود به آباؤهم الأقدمون، غير أن الزمان معلوم.

ومثله قوله تعالى: {أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} [البقرة: ١٠٨]، فإنه لا يحسن تقدير مضاف إليه، وإنما المقصود به زمان معين معلوم


(١) حاشية الصبان ٢/ ٢٦٨
(٢) حاشية الخضري ٢/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>