للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي إذا دخلت على الفعل المضارع أفادت الحال (١). نحو {سبحانه وتعالى عما يصفون} [الأنعام: ١٠٠]، ونحو: {فذرهم وما يفترون} [الأنعام: ١١٢].

وقد تكون زمانية نحو قوله تعالى: {إنا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها} [المائدة: ٢٤]، أي مدة دوامهم فيها، وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، أي مدة استطاعتكم.

وقد ذكر برجشتراسر أن التطابق كثير بين (أنْ) و (أنّ) و (ما). قال: وإذا تساءلنا عن الفرق بين (أن) و (أن) وبين (ما) مع صرف النظر عن الحالات التي تفي فيها (أن) بوظيفة خاصة بها، فتعمل في نصب الفعل، وجدنا أن التطابق بينها كثير، مثاله من القرآن الكريم {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة} [الأنفال: ٥٣]، و {ذلك بما عصوا} [البقرة: ٦١]، فـ (أن) و (ما) معناهما واحد، ومنه {من بعد ما جاءهم العلم} [الجاثية: ١٧]، و {من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبن إخوتي} [يوسف: ١٠٠]، وعلى العموم فـ (ما) أندر كثيرًا من (أن) و (أن) ويقل استعمالها تدريجيا مع تطور اللغة العربية، غير أنها احتفظت بها في بعض الأحوال نحو (قل ما وجد مثل ذلك) و (طالما) و (بئس ما) ..

وقد تميز العربية بين (أن) و (أن) وبين (ما) في المعنى، واشهر مثال لذلك هو الفرق بين (كأن) و (كأن) وبين (كما) فـ (كأن) و (كأن) تفيدان فرض كون الشيء غير ما هو عليه في الحقيقة و (كما) تفيد التشبيه والتمثيل الحقيقي، مثال ذلك: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} [الأعراف: ١٧١]، والجبل لم يكن ظلة أو مثل ظلة، بل كان ضدها في المتانة والرسو، والمعنى لو كان الجبل كظلة لكان نتفه ورفعه وزلزلته قريبًا من الاحتمال فلأنه لم يكن كظلة كان نتفه من المعجزات، و (كما) مثل (آمنا كما آمن الناس) يعني إيمانيا مثل إيمانهم (٢).


(١) انظر التصريح ٢/ ٦٢، الهمع ٢/ ٩٢
(٢) التطور النحوي ١٢٦ - ١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>