للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ الحافظ أبو زرعة العراقي (١): "الْحَدِيْث إذا جمعت طرقه تبين المراد مِنْهُ، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات" (٢).

ويعرف - أيْضًا - بجمع الطرق: الْحَدِيْث الغريب متنًا وإسنادًا، وَهُوَ الَّذِيْ تفرد بِهِ الصّحَابِيّ أوْ تفرد بِهِ راوٍ دون الصّحَابِيّ، ومن ثَمّ يعرف هل المتفرد عدل أو مجروح، فتكرار الأسانيد لَمْ يَكُنْ عبثًا وإنما لَهُ مقاصد وغايات يعلمها المشتغلون بهذه الصنعة. قَالَ الإمام مُسلِم في ديباجة كتابه "الجامع الصَّحِيْح": "وإنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقسمها علَى ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس علَى غَيْر تكرار، إلا أن يأتي موضع لا أستغني فِيْهِ عن ترداد حَدِيْث فِيْهِ زيادة معنى أَوْ إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الْحَدِيْث المحتاج إِلَيْهِ يقوم مقام حَدِيْث تام، فلابد من إعادة الْحَدِيْث الَّذِيْ فِيْهِ ما وصفنا من الزيادة، أو أن يفصل ذَلِكَ المعنى من جملة الْحَدِيْث علَى اختصاره إذا أمكن، ولكن تفصيله ربما عسر من جملته فإعادته بهيأته إذا ضاق ذَلِكَ أسلم" (٣)


(١) هُوَ الإمام العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عَبْد الرحيم بن الحسين العراقي الأصل المصري الشَّافِعِيّ، ولد سنة (٧٦٢ هـ)، وبكر بِهِ والده بالسماع فأدرك العوالي، وانتفع بأبيه جدًّا، ودرّس في حياته، توفي سنة (٨٢٦ هـ)، من تصانيفه: "الإطراف بأوهام الأطراف" و "تكملة طرح التثريب" و"تحفة التحصيل في ذكر المراسيل" وغيرها.
انظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة ٤/ ٨٠، ولحظ الألحاظ: ٢٨٤، والضوء اللامع ١/ ٣٣٦، وحسن المحاضرة ١/ ٣٦٣، ومقدمتنا لكتاب شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٤.
(٢) طرح التثريب ٧/ ١٨١.
(٣) صَحِيْح مُسلِم ١/ ٣، و ١/ ٤ - ٥ طبعة مُحَمَّد فؤاد.