للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد وقوع الفتنة بمقتل عثمان - رضي الله عنه - وظهور الفرق والأهواء جعل الصحابة والتابعون يتشددون في قبول الحديث حتى ينظروا في حال الراوي، فإن عرفوه بالعدالة قبلوا روايته وإلا تركوها، فقد روى الإمام مسلم عن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس، ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تسمع؟، فقال ابن عباس: إنا كنا إذا سمعنا رجلًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول؟ أي تغير الحال بعد الفتنة لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" (١)، وبمثل هذا عمل كبار التابعين، فقد قال محمد بن سيرين: "لم يكونوا، أي التابعين يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفللة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" (٢).

وعلى هذا الأساس وضع المحدثون قواعد الحكم على الحديث عن طريق النظر في سلسلة رجال الإسناد، فيرجع إلى كل راو في السند للتحقق من توفر الشروط الخاصة بقبول روايته، ومن ثم صحة سند الحديث (٣)، وهذه الشروط هي:

أ: عدالة الراوي ب: ضبطه ج: ثبوت سماعه من شيخه.


(١) أخرجه الدارمي في سننه ١/ ١٢٤، ومسلم ١/ ١٣، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٦، وابن عبد البر في التمهيد ١/ ٤٣.
(٢) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه ١/ ١٥.
(٣) انظر في الصحيح: معرفة علوم الحديث: ٥٨، وجامع الأصول ١/ ١٦٠، ومعرفة أنواع علم الحديث: ٧٩.