للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالصَّحِيْح الّذِي عليه الجمهور أنه ليس بكذب يصح به القدح في عدالة الرَّاوِي حتَّى نرد جميع حديثه، وإنما هُوَ ضَرْبٌ من الإيهام، وعلى هَذَا نصّ الشَّافِعِيّ - رحمه الله - فَقَالَ: "ومن عرفناه دلّس مرة فَقَدْ أبان لنا عورته في روايته، وليست تِلْكَ العورة بالكذب فنرد بِهَا حديثه، ولا النصيحة في الصدق، فنقبل مِنْهُ ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق" (١).

ويمكن حمل التشدد الوارد عن شعبة علَى "المبالغة في الزجر عَنْهُ والتنفير" (٢).

وإذا تقرر هَذَا، فما حكم حَدِيْث من عرف بِهِ؟ للعلماء فِيْهِ أربعة مذاهب:

الأول: لا تقبل رِوَايَة المدلس، سواء صرح بالسماع أم لا، حكاه ابن الصَّلاح عن فريق من أهل الْحَدِيْث والفقه (٣)، وهذا مبني علَى القَول بأنّ التدليس نفسه جرح تسقط بِهِ عدالة من عُرِف بِهِ (٤). وهذا الَّذيْ استظهره علَى أصول مذهب الإمام مالك القاضي عَبْد الوهاب في الملخص (٥).

الثاني: قبول رِوَايَة المدلس مطلقًا، وَهُوَ فرع لمذهب من قَبِلَ المرسل ونقله الْخَطِيْب البغدادي عن جمهور من قَبِلَ المراسيل (٦)، وحكاه الزركشي


(١) الرسالة: ٣٧٩ الفقرة (١٠٣٣ و ١٠٣٤).
(٢) مَعرفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٦٧، وطبعتنا ١٥٩.
(٣) المصدر نفسه. وسبقه بالنقل الْخَطِيْب في كفايته (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ).
(٤) شرح السيوطي علَى ألفية العراقي: ١٧٤.
(٥) نكت الزركشي ٢/ ٨٧.
(٦) الكفاية (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ).