للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجمعها، والحرص علَى تلقيها من مصادرها الأصيلة، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإن ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أوْ يكثر أصحابه، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (١).

ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين:

الأول: الفرد المطلق: وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (٢).

الثاني: الفرد النسبي: وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيْهِ نسبيًا إلى جهة ما (٣) فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة.

وما قِيلَ من أن لَهُ أقسامًا أخر، فإنها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين.

أما الحكم علَى الأفراد باعتبار حال الرَّاوِي المتفرد فَقَطْ من غَيْر اعتبار للقرائن والمرجحات، فهو خق منهج الأئمة النقاد المتقدمين، إذن فليس هناك حكم مطرد بقبول تفرد الثقة، أو رد تفرد الضعيف، بَلْ تتفاوت أحكامهما، ويتم تحديدها وفهمها علَى ضوء المنهج النقدي النَّزيه؛ وذلك لأن الثقة يختلف ضبطه باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل يحدث في كيفية التلقي للأحاديث أَوْ لعدم توفر الوسائل الَّتِي تمكنه من ضبط ما سَمعه من بعض


(١) انظر: الموقظة: ٧٧، والموازنة بَين منهج المتقدمين والمتأخرين: ٢٤.
(٢) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٨٠ وطبعتنا: ١٨٤، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٧ وطبعتنا ١/ ٢٨٦، ونُزهة النظر: ٧٨.
(٣) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحديث: ٨٠ وطبعتنا: ١٨٤، والتقريب والتيسير: ٧٣ وطبعتنا: ١١٩ - ١٢٠، وفتح المغيث ١/ ٢٣٩، وظفر الأمانى: ٢٤٤.