للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم

[تمهيد]

فإن الحديث النبوي الشريف المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، بعضه يستقل بالتشريع، وكثيرٌ منه شارح لكتاب الله تعالى مُبين لما جاء فيه. قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤].

وقد أدرك المسلمون -منذ الصدر الأول، وحتى يوم الناس هذا- أهمية الحديث النبوي الشريف فحفظوا الأحاديث في الصدور، ودونوها في الدواوين، ونقَّروا عنها أشد التنقير والبحث كي لا ينضاف إليها ما ليس منها، فأنجبت هذه الأمة حُفّاظًا عارفين وجهابذة ناقدين، فكانوا بحق ينفون عن السنة تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فظهرت المصنفات والجوامع والسنن والمسانيد والأجزاء والمشيخات وغيرها في صور عدة وضروب كثيرة، حرصًا واحتفاظًا واعتزازًا بسنة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وكان لابد من ظهور مؤلفات تُبين مصطلحات المحدثين في كتبهم ودروسهم، تكشف عما يريدون من إطلاقاتهم وأقوالم. فظهر عددٌ من المؤلفات في القرون التِي تلت عصر الرواية ومما لا شك فيه أنَّ من أحسنها تصنيفًا وأعمها نفعًا كتاب الحافظ أبي عَمْرو عثمان بن عَبْد الرّحْمَان الشهرزوري المشهور بـ: ابْنُ الصَّلاح (٥٧٧ - ٥٦٤٣) المسمى: "مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث" (١) الَّذِي لا يُحصى عدُّ من شرحه واختصره ونظمه ونكَّت علَيْهِ.


(١) هكذا سماه بِهِ مؤلفه في ديباجة كتابه: ٧٨ بتحقيقنا، وهكذا أطلق عليه القرطبي فى تفسيره ٤/ ٣١٠٩، طبعة الشعب.