للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت أُمَيْمَةُ: ما لِجسْمِكَ شاحِبًا ... منذ ابتُذِلْتَ ومِثلُ مالِكَ ينفعُ (١)؟

أم ما لجَنْبِكَ لا يُلائم مَضْجَعا ... إلاَّ أَقَضَّ عليكَ ذاكَ المَضْجَعُ (٢)

فأجَبْتُها أَنْ ما لِجسْمِىَ أنّه ... أَوْدَى بَنِيَّ مِن البلادِ فوَدَّعوا (٣)

أَوْدَى بَنِيَّ وأَعْقَبوني غُصّةً ... بعد الرُّقادِ وعَبْرةً لا تُقْلِعُ (٤)

سَبَقوا هَوَىَّ وأَعْنَقوا لهَواهُمُ ... فتُخُرِّموا ولكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ (٥)

فعَبَرْتُ بعدهمُ بعَيْشٍ ناصِبٍ ... وإخالُ أَنِّي لاحِقٌ مُسْتَتْبَعُ (٦)

ولقد حَرِصْتُ بأن أدافع عنهُم ... فإذا المنيّةُ أَقبلتْ لا تُدفَعُ


(١) شاحبا، أي متغيرا مهزولا. وروى "سائيا"، أي يسوء من رآه. "وابتذلت" بالبناء للفاعل، أي امتهنت نفسك في الأعمال لموت من كان يكفيك أمر ضيعتك من بنيك. ويقرأ بالبناء المجهول أيضًا. وقد ضبط في شرح ابن الإنباري بكلا الوجهين. "ومثل مالك ينفع"، أي مثل مالك كثير يكفي صاحبه الذلة والامتهان، فتشترى من العبيد من يكفيك أمر ضيعتك ويقوم عليها.
(٢) "أقضّ عليك"، أي صار تحت جنبك مثل القضض، أي الحصى. يقول: كأن تحت جنبك حصى يقلقك ويمنعك النوم. ويروى: "أم ما لجسمك".
(٣) يروى: "بجسمي" وهي رواية جيدة. ويروى: "أنني". يقول: إنه أجابها بأن الذي أنحل جسمه وأهزله هلاك بنيه.
(٤) روى "وأودعوني حسرة" وهي واردة في الأصل أيضًا. ويشير بقوله: "بعد الرقاد" إلى أن حزنه يمنعه النوم حين ينام الناس.
(٥) "هوى"، أي هواى، وهي رواية واردة في الأصل أيضًا، وهذه لغة هذيل في كل اسم مقصور مضاف إلى ياء المتكلم، فيقولون: فتى وعصى، أي فتاى وعصاى. "وأعنقوا": أسرعوا، ويروى: "وأعنقوا لسبيلهم * ففقدتهم"، فتخرّموا"، أي أخذوا واحدا واحدا.
(٦) غبرت: بقيت. وناصب، أي ذي نصب بالتحريك، وهو الجهد والتعب. ومستتبع: مستلحق، استتبع فلان فلانا، أي ذهب به، يقول: أنا مذهوب بي وصائر إلى ما صاروا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>