للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا المَنِيّةُ أَنشبت أظفارَها ... أَلْفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لا تَنفَعُ

فالعينُ بَعْدَهُمُ كأنّ حِداقَها ... سُمِلَتْ بشَوْكٍ فهيَ عُورٌ تَدْمَعُ (١)

حتّى كأنّي للحوادثِ مَرْوَةٌ ... بصَفَا المُشَّرقِ كلَّ يومٍ تُقْرَعُ (٢)

لا بدّ من تَلَفٍ مقيمٍ فانتظِرْ ... أبأرْضِ قَومِكَ أم بأخرى المَصَرع (٣)

ولقد أَرَى أنّ البكاءَ سفاهةٌ ... ولسوف يُولَعُ بالبُكا من يُفْجَعُ

وليأتين عيك يومٌ مرةً ... يُبْكَى عليك مقنَّعا لا تسمعُ (٤)

وتَجَلُّدِي للشامِتين أُرِيهِمُ ... أنِّي لرَيْبِ الدَّهْرِ لا أَتَضَعْضَعُ

والنفسُ راغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها ... فإِذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ

كم من جميعِ الشَّمْلِ ملتئِم الهوى ... باتوا بعَيْشٍ ناعمٍ فتَصَدَّعوا (٥)


(١) الحداق: جمع حدقة بالتحريك، وهي واحدة، وإنما جمعها باعتبارها وما حولها. وروى في الأصل أيضًا "جفونها". وسملت، أي فقئت: وعور: جمع عوراء من العوّار بضم أوّله وتشديد ثانيه، وهو ما يصيب العين من رمد أو قذى، وكذلك العائر.
(٢) المروة: حجر أبيض براق تقتدح منه النار. ويقال لمن كثرت مصائبه: قرعت مروته. والمشرّق: مسجد الخيف بمنى، وإنما خصه لكثرة مرور الناس به، فهم يقرعون حجارته بمرورهم. وروى أبو عبيدة "المشقر" بتقديم القاف، وهو سوق بالطائف.
(٣) روى هذا البيت في المفضليات لمنمم بن نويرة من قصيدته التي أوّلها:
"صرمت زنيبة حبل من لا يقطع". وروايته فيه:
لا بد من تلف مصيب فانتظر ... أبأرض قومك أم بأخرى تصرع
(٤) روى هذا البيت أيضًا في المفضليات لمنمم بن نويرة من قصيدته المشار إليها في الحاشية السابقة.
"ومقنعا"، أي ملففا بأكفانك.
(٥) ورد هذا البيت والذي يليه في النسخة الأوربية لديوان أبي ذؤيب ضمن الملحق المشتمل على الأبيات المنحولة له والتي لم توجد في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>