للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مال، وعندك رجل، ولا يجوز الابتداء بالنّكرة؛ لالتباس الخبر بالصّفة؛ فإنّك إذا قلت: رجل عندك، جاز أن يكون الظّرف صفة والخبر، منتظر، فإذا تقّدم الظّرف تمحّض للخبريّة، وبطل أن يكون صفة.

وقد أجازوا الابتداء بالنّكرة فى مواضع:

الأوّل: أن تكون موصوفة، كقوله تعالى: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (١) وكقوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ (٢).

الثانى: أن يعطف عليها موصوف، أو تعطف على موصوف، نحو قوله:

طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ (٣) فيمن (٤) قدر الخبر محذوفا بعده، وكقوله تعالى: لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ (٥).

الثّالث: أن يكون فيها معنى الدّعاء، كقوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ (٦)، وقوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) وكقولك: خير بين يديك، وشرّ وراءك.

الرّابع: مع الاسسفهام، كقولك: أرجل فى الدّار أم امرأة؟

الخامس: مع النّفى كقولك: ما أحد خير منك، وقولهم: - حكاه سيبويه (٨) - " شرّ أهرّ ذا ناب" منهم من ألحقه بالنّفى، أى: ما أهر ذاناب إلّا شرّ، ومنهم من جعله كالمثل، نحو قولهم:" مكره أخاك (٩) " ومنهم من يجعله مصدرا؛ لتقارب المعرفة والنكرة فيه.


(١) - ٢٢١ / البقرة.
(٢) - ٨٣ / يوسف.
(٣) - ٢١ / محمّد.
(٤) - وهو سيبويه، كما فى الكتاب ١/ ١٤١، ٢/ ١٣٦. وقال أبو حيان فى البحر المحيط ٨/ ٨١:" ...
والأكثرون على أن طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين إمّا الخبر، وتقديره: أمثل، وهو قول مجاهد، ومذهب سيبويه والخليل، وإما المبتدأ، وتقديره: الأمر أو أمرنا طاعة ..»
(٥) - ١٥٧ / آل عمران.
(٦) - ٢٤ / الرعد.
(٧) - ٧ / الجاثية.
(٨) - الكتاب ١/ ٣٢٩، وانظر: مجمع الأمثال للميداني ٢/ ١٧٢.
(٩) - ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب «الأمثال» ٢٧١، برواية «أخوك»، وهي أيضا رواية العسكري في جمهرته، والميداني في مجمع الأمثال، وانظر مزيدا من التخريج في هامش كتاب الأمثال لأبي عبيد. ويضرب لمن يحمل على ما ليس من شأنه.