للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتعلّق الخامس: حذف المبتدأ،

ولا يخلو الكلام؛ أن يكون فيه - إذا حذف المبتدأ - دليل عليه، أو لا يكون.

فإن لم يكن، فلا يجوز حذفه، لا تقول فى: زيد قائم: قائم، وتحذف زيدا؛ لأنه لا دليل عليه.

فأمّا ما فيه دليل، فهو على ضربين:

الأوّل: لك فيه الخيار حذفا وإثباتا؛ فالحذف للاختصار، وهو أكثر استعمالا؛ والإثبات للعناية به والتوكيد، يقول القائل: كيف أنت؟ فتقول:

صالح، أى: أنا صالح، وإن شئت أثبتّه فقلت: أنا صالح، وعلى الحذف قوله تعالى: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ (١) أى هى النّار، وقوله تعالى:

قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ * (٢) أى: أمرى وشأنى صبر جميل، ومنه قول المستهلّ إذا رأى الهلال:" الهلال والله" أى: هذا الهلال والله.

وقد حذف المبتدأ وأقيم الظّرف - الّذى هو صفته - مقامه، كقوله تعالى:

وَأَنَّا مِنَّا/ الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ (٣) أى: ومنّا قوم دون ذلك.

الضّرب الثّانى: لا يجوز ظهوره فى الكلام، وهو قولهم:" لا سواء"، ف" سواء": خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذان لا سواء، لكنهم لم ينطقوا به، قال سيبويه (٤): إنما دخلت" لا" ها هنا؛ لأنّها عاقبت ما عليه (٤) سواء؛ وذلك


(١) - ٧٢ / الحج.
(٢) - ١٨، ٨٣ / يوسف.
(٣) - ١١ / الجنّ.
(٤) - فى الكتاب ٢/ ٣٠٢:" وإنما دخلت لا هنا لأنها عاقبت ما ارتفعت عليه سواء، ألا ترى أنك لا تقول هذان لا سواء ... "