للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم الثالث: قد اتّسعوا فى/ ظروف الزّمان، فنصبوها: نصب المفعول به، وذلك أن يعرّوها من معنى" فى"، كقولك: سرت يوم الجمعة، كأنّك قد جعلت" يوم الجمعة" مسيرا نفسه، بمنزلة قولك: ضربت زيدا، ويتضح هذا بأن يخبر عنه بالّذى، فتقول: الذى سرته يوم الجمعة، كما تقول:

الذى ضربته زيد، ولا تقول: الذى سرت فيه يوم الجمعة، إلّا أن تجعله ظرفا.

وإن كان الفعل يتعدّى إلى مفعول، أو مفعولين، تعدى إلى الظروف المتّسع فيها، تقول: ضربت زيدا يوم الجمعه، وأعطيت زيدا ثوبا يوم السّبت، فإذا أخبرت عنه بالّذى، قلت: الذى ضربته زيدا يوم الجمعة، فلو كان ظرفا لقلت: الّذى ضربت فيه زيدا يوم الجمعة.

وإذا أضفت إلى الظّرف، خرج عن الظرفيّة، نحو قولك: يا سائر اليوم، و:

يا سارق الليلة أهل الدار (١)

والأصل: يا سائرا اليوم، فتنصبه، كما تنصب" زيدا" فى قولك: يا ضاربا زيدا، ثم تضيفه إليه؛ فلا يجوز أن يكون مع الإضافة ظرفا؛ لأنّك لو قدّرت فيه" فى" وجعلته مجرورا بالإضافة، وفيه معنى" فى"، كنت قد فصلت بين المضاف والمضاف إليه بها، ولا يجوز.

ومن باب الاتّساع والإضافة: قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٢)، وقوله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (٣)، وقد قيل: إنّه أضيف المكر إلى اللّيل والنهار على اتّساع آخر، وهو: المصدر الفاعل (٤) من نحو قولهم:" نهارك صائم"


(١) - لم أقف على اسم قائل هذا الرجز. وهو من شواهد سيبويه ١/ ١٧٥. وانظر أيضا: الأصول ١/ ١٩٥ و ٢/ ٢٥٥ و ٣/ ٤٦٤ وابن يعيش ٢/ ٤٥، ٤٦ والخزانة ٣/ ١٠٨.
(٢) - ٣ / فاتحة الكتاب. وانظر: مشكل إعراب القرآن ١/ ٩.
(٣) - ٣٣ / سبأ.
(٤) - انظر الأصول ٢/ ٢٥٥، ٣٥٩. وقال الأخفش فى معانى القرآن ٢/ ٤٤٥:" أى: هذا مكر الليل والنهار، والليل والنهار لا يمكران بأحد، ولكن يمكر فيهما، كقوله:" من قريتك التى أخرجتك" وهذا من سعة العربية."