للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المفرد: الحال الموطّئة، كقوله تعالى: وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا (١). وقولك: مررت به رجلا صالحا، فالصّفة سوّغت مجئ الجامد حالا.

الحكم الثالث: قد قلنا: إن الحال لا تكون إلّا لمعرفة، فأمّا وقوعها بعد النكرة، فلا يخلو: أن تكون النكرة موصوفة، أو غير موصوفة.

فإن كانت موصوفة: جاز وحسن وقوعها حالا لها؛ لقربها من المعرفة بالوصف، كقوله تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا (٢)؛ لأنّه لمّا كان الأمر موصوفا، قرب من المعرفة، فانتصب" أمرا" على الحال.

وكقول الشّاعر (٣):

يا عين جودى بدمع منك مجهودا

لأنّ" منك" وصف ل" دمع"، أو فيه ضمير مرتفع به، والحال منه، فأمّا قوله (٤):

وما حلّ سعدىّ غريبا ببلدة ... فينطق إلّا الزّبرقان له أب

فإنّ النكرة المنفيّة تستوعب جميع أنواعها، فتنزّلت منزلة المعرفة.

فإن كانت/ النكرة غير موصوفة لم يكن ما بعدها حالا، وإنّما يكون صفة


(١) ١٢ / الأحقاف.
(٢) ٤، ٥ / الدّخان.
(٣) لم أهتد إلى هذا القائل، ولا إلى تتمّة البيت.
(٤) هو اللعين المنقرىّ.
والشّطر من شواهد سيبويه ٣/ ٣٢، وانظر أيضا: الخزانة ٣/ ٢٠٦.
يقول: الزبرقان بن بدر السّعدى سيد قومه؛ فإذا حلّ رجل من بنى سعد فى قوم غريبا لم ينسب إلا إليه.