للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول: لا غائب مالى ولا حرم

وأمّا الفاء: فإنّها تدخل على الجواب إذا كان أمرا أو نهيا، أو ماضيا، أو مبتدأ وخبرا، ولا بدّ منها فى هذه الأشياء، تقول: إن أتاك زيد فأكرمه، وإن ضربك فلا تضربه، وإن أحسنت إلىّ فقد أحسنت إليك، وإن أتيتني فأنت مشكور، فالفاء نائبة عن وجود العمل، فإذا دخلت على الفعل المضارع ارتفع كقوله [تعالى] (١) فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (٢) وقوله تعالى: وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ (٣)، وهو عند سيبويه مرفوع؛ لأنّه خبر مبتدأ محذوف (٤)، تقديره: فهو لا يخاف؛ لأنّ الفاء إنّما جئ بها حيث لا يمكن جزم الجواب؛ ليدلّ عليه، فلولا تقدير مبتدأ محذوف لكنت قد أدخلت الفاء على ما يصحّ جزمه، نحو أن تقول: فمن يؤمن بربّه لا يخف، وإنّما الفاء وما بعدها من الجمل الفعليّة والاسميّة في موضع جزم، على الجزاء، وعليه جاء قوله تعالى في بعض القراءات: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ (٥) بالجزم (٦)؛ عطفا على موضع «لا هادي له» (٧).

وأمّا فعل الأمر إذا وقع جوابا، فإنّه باق على سكونه قبل دخول حرف


(١) تتمّة يقتضيها مقام القائل جلّ وعزّ.
(٢) ١٣ / الجنّ.
(٣) ٩٥ / المائدة.
(٤) الكتاب ٣/ ٦٩.
(٥) ١٨٦ / الأعراف.
(٦) وبه قرأ حمزة والكسائىّ وخلف، ووافقهم الأعمش.
انظر: السّبعة ٢٩٩ والنّشر ٢/ ٢٧٣ والإتحاف ٢٣٣ والبحر المحيط ٤/ ٤٣٣.
(٧) لأنّها في موضع جزم؛ إذ هي جواب الشّرط. وانظر: مشكل إعراب القرآن ١/ ٣٣٦.