للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكت، قال الفرزدق (١):

كم عمّة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علىّ عشاري

ينشد بنصب «العمّة»، ورفعها، وجرّها؛ فالنّصب: على هذه اللغة - وهى قليلة - أو على الاستفهام، من طريق الاستهزاء به؛ لأنّه هاج، والهاجي لا يكون مستفهما إلّا على سبيل التّلهّي. والجرّ: على الخبر - وهو الأكثر - والرّفع،

على معنى: كم مرّة حلبت علىّ عماتك، وتقدير الإعراب فيه: أنّ «العمّة» مرفوعة بالابتداء، و «قد حلبت» الخبر.

وهذه «كم» الخبريّة مضافة إلى مميّزها، عاملة فيه الجرّ، فإذا وقعت بعدها «من» كانت منوّنة فى التقدير، كقوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (٢) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ (٣) التقدير: كثير من القرى، ومن الملائكة. وذهب بعضهم (٤) إلى أنّها منوّنة أبدا، والمجرور بعدها بإضمار «من».

وإذا أعدت الضّمير إليها عاد علي اللّفظ مرّة، وعلي المعنى أخرى، تقول:

كم رجل رأيته، ورأيتهم، وكم امرأة لقيتها، ولقيتهنّ/ ومنه قوله تعالي: وَكَمْ


(١) ديوانه ١/ ٣٦١. وهو من شواهد سيبويه ٢/ ٧٢، ١٦٦. وانظر أيضا: المقتضب ٣/ ٥٨ والأصول ١/ ٣١٨ والتبصرة ٣٢٢ وابن يعيش ٤/ ١٣٣ والمغنى ١٨٥ وشرح أبياته ٤/ ١٦٥ والخزانة ٦/ ٤٨٥.
الفدعاء: المعوجّة الرّسغ من اليد أو الرّجل. العشار: جمع عشراء: وهى النّاقة أتى على حملها عشرة أشهر.
(٢) ٤ / الأعراف.
(٣) ٢٦ / النجم.
(٤) وهم الفرّاء والكوفيّون. انظر: ابن يعيش ٤/ ١٣٤ والمساعد ٢/ ١١٠ والهمع ٤/ ٨١.