للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع منا؟ وإنّما كان كذلك لأنّ المتكلّم بنى أمر المخاطب علي أنّه عارف بالاسم المكنىّ، ولم يكن عارفا؛ فسأله على ما كان ينبغى له أن يخاطبه به، يقول: ذهبت مع رجال، ورأيت رجلا معهم، ورأيته، فلمّا غلط، ردّه في الجواب إلى الصّواب، وهذا نظير جواب موسى عليه السّلام لفرعون لمّا قال له: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (١) قال له: رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٢) فأجابه بما يجب أن يسأل عن مثله، حيث كان سؤال فرعون لا يتّجه. وأمّا قول الشّاعر (٣):

أتوا ناري فقلت: منون أنتم ... فقالوا: الجنّ، قلت: عموا ظلاما

فهو شاذّ من وجهين (٤) سواء حملت «منون» على الوصل أو الوقف، قال سيبويه: وحدّثنا [يونس] (٥) أنّ ناسا يقولون: منا ومنو ومني، عنيت واحدا أو اثنين أو جماعة، وإنّما فعلوا ذلك/ لأنّهم يقولون: من قال ذلك؟ فيعنون من شاءوا من العدد (٦).

وإذا سألت عن نسب أدخلت «الألف واللّام» على «من»، وزدت فى آخرها «ياء» النّسبة؛ فإذا قال: جاءنى زيد، قلت:

المنى؟ فإذا قال: رأيت


(١) ٢٣ / الشعراء.
(٢) ٢٤ / الشعراء.
(٣) هو سمير أو شمير بن الحارث. وقيل: هو تأبّط شرّا والبيت من شواهد سيبويه ٢/ ٤١١. وانظر أيضا: نودر أبي زيد ٣٨٠ والمقتضب ٢/ ٣٠٧ والخصائص ١/ ١٢٩ والتبصرة ٤٧٨ وابن يعيش ٤/ ١٦.
(٤) أحدهما: أنّه أثبت الزّيادة في الوصل. والثّاني: أنّه فتح النّون، وحقّها السّكون.
(٥) تتمّة يقتضيها الكلام؛ لأنّ سيبويه يحكي عن يونس. انظر: الكتاب ٢/ ١١٠.
(٦) الكتاب ٢/ ٤١٠.