للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبردة من لباس النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان الخليفة يلبسها في المواكب، وهى شملة مخططة، أو هى كساء أسود مربع فيه صفرة، أو هى قطعة طويلة من القماش الصوفى السميك يستعمله الناس لإكساء أجسامهم في النهار، وغطاء أثناء الليل، ولونها أسمر أو رمادى (١). والبردة في صعيد مصر: كساء، وهو ملاءة كبيرة تلتف بها المرأة وتلتفع بها على كتفيها، ثم تثنى طرفها، فتلف بها رأسها ووجهها وتشبكها بدبوس على الكتف (٢). وكان أسعد أبو كرب الحميرى أول من كسا الكعبة الأنطاع والبرود؛ وفى ذلك يقول بعض حمير:

وكسونا البيت الذى عظم ... اللَّه مُلاءً مُقصَّبا وبرودا (٣).

والذى يؤكد وجود بردة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- زمن الأمويين، أن المسعودى يورد بيتين للوليد بن يزيد بن عبد الملك يقول فيهما:

طال ليلى وبِتُّ أُسْقى السُّلافة ... وأتانى نعىُّ من بالرُّصافة

وأتانى ببردة وقضيب ... وأتانى بخاتم للخلافة (٤)

ومن هذين البيتين نعرف أن من لوازم الخلافة: البردة والقضيب والخاتم ولما قُتل مروان بن محمد آخر الأمويين، كان خادمه قد دفن ميراث النبوة في قرية بوصير بمصر، فتتبعه العباسيون وأمروه أن يخرج ميراث النبوة فإذا البرد والقضيب والمِخْصر قد دفنها مروان لئلا تصير الخلافة إلى بنى هاشم، فوجّه بها عامر بن إسماعيل إلى عبد اللَّه بن على، فوجه بها عبد اللَّه إلى أبى العباس السفاح، فتداولت ذلك خلفاء بنى العباس إلى أيام المقتدر، فيقال إن البرد كان عليه في يوم مقتله، ولست أدرى أكل ذلك باق مع المتقى للَّه إلى هذا الوقت؛ وهو سنة


(١) مقدمة ابن خلدون ٢١٠.
(٢) معجم تيمور الكبير ٣/ ١٣٢.
(٣) مروج الدهب للمسعودى ١/ ٦٩.
(٤) مروج الذهب ٣/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>