للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلتَ: يَسْرق (١) من بيت الملك، كان ذلك كالمستحيل الممتنع؛ فإنّ عليه من الحرس واليَزَكِ (٢) ما لا يستطيع اللص الدُّنُوَّ منه، كيف وحارسه الملك بنفسه؟!، وكيف يستطيع اللص الدُّنُوَّ منه وحوله من الحرس والجند ما حوله؟!

فلم يبق لِلِّصِّ إلا البيت الثالث، فهو الذي يَشُنُّ عليه الغارة.

فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل، ولينزله على القلوب، فإنها على منواله.

فقلبٌ خلا من الخير كله، وهو قلب الكافر والمنافق، فذلك بيت الشيطان، قد أحرزه لنفسه واستوطنه، واتخذه سكنًا ومستقرًّا، فأيُّ شيء يسرق منه، وفيه خزائنه وذخائره، وشكوكه وخيالاته ووساوسه؟!

وقلبٌ قد امتلأ من جلال الله ﷿ وعظمته، ومحبته ومراقبته، والحياء منه، فأيُّ شيطان يجترئ على هذا القلب؟!، وإن أراد سرقة شيء منه، فماذا يسرق؟!، وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخَطْفَةٍ ونَهْبَةٍ تحصل له على غِرَّةٍ من العبد وغفلةٍ لابد له منها؛ إذْ هو بشر، وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو، والذهول وغلبة الطبع.


= العلاء بن زيادٍ، قريبًا منه.
ولم أقف عليه من قول ابن عباس ﵄.
(١) "يسرق" من (ح) و (ق).
(٢) اليَزَك: كلمة فارسيةٌ، معناها: طلائع الجيش.
انظر: "المعجم الذهبي" (٦١٩) للتونجي، و"معجم المصطلحات والألقاب التاريخية" (٤٤٦) للخطيب، و"المجموع اللفيف" (٩١) للسامرائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>