للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراشه، ويصبح ذلك القائم الغافل في ساقَةِ الرَّكْبِ، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء.

وحُكِي عن رجل من العُبّاد: أنه نزل برجل من العُبّاد ضيفًا، فقام العابد ليله يصلي، وذلك الرجل مُسْتَلْقٍ على فراشه، فلما أصبحا قال له العابد: سبقك الرَّكْبُ، أو كما قال، فقال: ليس الشأنُ فيمن بات ليله مسافرًا وأصبح مع الرَّكْبِ، الشأنُ فيمن بات على فراشه وأصبح قد قطع الرَّكْبَ!.

وهذا ونحوه له محملٌ صحيح، ومحملٌ فاسد؛ فمن حمله على أنّ الراقد المضطجع (١) على فراشه يسبق القائم القانت، فهو باطل، وإنما مَحْمَلُه أن هذا المستلقي على فراشه عَلَّقَ قلبه بربه ﷿، وألصق حَبَّة قلبه بالعرش، وبات قلبه يطوف حول العرش مع الملائكة، قد غاب عن الدنيا وما فيها، وقد عاقه عن قيام الليل عائقٌ من وَجَعٍ أو بَرْدٍ يمنع (٢) القيام، أو خوفٍ على نفسه من رؤية عدوٍّ يطلبه، أو غير ذلك من الأعذار، فهو مُسْتَلْقٍ على فراشه، وفي قلبه ما الله أعلمُ به.

وآخرُ قائم يصلي ويتلو، وفي قلبه من الرياء والعُجْبِ، وطلبِ الجاه والمَحْمَدة عند الناس ما الله به عليم، أو قلبه في وادٍ وجسمه في وادٍ، فلا ريب أن ذلك الراقد يصبح وقد سبق هذا القائم بمراحل كثيرة، فالعمل


(١) (ت) و (ق): "والمضطجع".
(٢) (ت) و (ق): "يمنعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>