للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من بديع فَهْمِه رضي الله تعالى عنه، ودقيقِ فِطْنَتِه، وكيف لا وقد دعا له (١) رسول الله أن يعلِّمه الله التأويل؟!.

فالربُّ يُرَى يوم القيامة بالأبصار عيانًا، ولكنْ يستحيل إدراك الأبصار له وإن رأته؛ فالإدراكُ أمرٌ وراء الرؤية، وهذه الشمس -ولله المثل الأعلى- نراها ولا ندركها كما هي عليه، ولا قريبًا من ذلك؛


= خزيمة في "التوحيد" (٢/ ٤٨١ - ٤٨٣)، والنسائي في "الكبرى" (١٠/ ٢٧٩ مختصرًا)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٥٧٦)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ١٢٩ - ١٣٠).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
وصححه ابن خزيمة بإيراده إيّاه في كتاب "التوحيد" دون إشارةٍ منه لضعفه، وقال ابن أبي عاصم عقب روايته: "وفيه كلام" = أي: وفي حديث ابن عباس في الرؤية بقيّةٌ أعرضتُ عن ذكرها. يريدُ بذلك ما جاء في حديث حماد بن سلمة الطويل في الرؤية عن ابن عباس، وقد تجنّب ابن أبي عاصم ذكره بطوله في كتابه، وإنما رواه مختصرًا.
وهذا الذي ذكرتُ من تفسير قوله: "وفيه كلام" أولى من حمل البعض هذا القول على أنه تضعيف من ابن أبي عاصم للرواية التي معنا، والله أعلم. ورُوِي الحديث من وجهٍ آخر:
أخرجه الطبراني في "الكبير" (١١/ ١٩٤)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣١٦)، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٢/ ٣٦٢ - ٣٦٣).
قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، فتعقّبه الذهبيُّ بقوله: "قلتُ: بل إبراهيم متروك"، وبإبراهيم هذا أعلّه البيهقي، والهيثمي في "المجمع" (٧/ ١١٥).
وصحّحه الإمام أحمد، كما في "المنتخب من العلل للخلال" (٢٨٠).
(١) (ت): "وكيف قد دعا له"، وفي (ح) و (ق): "وكيف وقد دعا له".

<<  <  ج: ص:  >  >>