للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)[الفرقان: ٤٤] فهم الذين يضيّقون الديار، ويُغلون الأسعار، إنْ هَمُّ أحدِهم إلا بطنُه وفرجه، فإن ترقَّتْ هِمَّتهُ فوق ذلك كان همُّه -مع ذلك- في لباسه وزينته، فإن ترقَّتْ هِمَّته فوق ذلك كان في داره وبستانه ومركوبه، فإن ترقَّتْ هِمَّته فوق ذلك، كان هَمُّه في الرياسة والانتصار للنفس [الكلبيَّة، فإن ارتفعت هِمَّته عن نصرة النَّفس الكلبيَّة، كان همُّه في نصرة النفس السَّبُعيَّة] (١).

وأمّا النفس المَلَكِيّة فلم يُعْطَها أحدٌ من هؤلاء.

فإنّ النفوس ثلاثة: كلبيّة وسَبُعِيّة، ومَلَكية.

فالكلبيّة: تقنع بالعَظْمِ، والكِسْرة، والجِيفة، والعَذِرَة.

والسَّبُعيَّة: لا تقنع بذلك، بل بقهر النفوس، والاستعلاء عليها بالحق والباطل.

وأما المَلَكِيّة: فقد ارتفعت عن ذلك، وشمَّرت إلى الرفيق الأعلى، فهِمَّتُها العلم والإيمان، ومحبة الله تعالى، والإنابة إليه، والطمأنينة به، والسكون إليه، وإيثار محبته ومرضاته، وإنما تأخذ من الدنيا ما تأخذه لتستعين به على الوصول إلى فاطرها وربِّها ووليِّها، لا لتنقطع به عنه.


(١) ورد ما بين المعكوفين في النُّسخ التي بين يديَّ هكذا:
"الغضبيّة، قد ارتفعت نفسه عن نصرة النفس الكلبيّة إلى نصرة النفس السّبُعية". وهو غير مستقيم كما ترى، وقد أثبتُّ الذي أراه صوابًا من طبعة الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>