للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في حال التخلِّي، فلم يكن يشاهده أحد يَحْكِي عنه، ولكنْ شَرَع لأمته من الأذكار قبل التخلِّي وبعده ما يدل على مزيد الاعتناء بالذكر، وأنه لا يُخَلُّ به عند قضاء الحاجة وبعدها، وكذلك شرع لأمته من الذكر عند الجماع أن يقول أحدهم: "بِسْم الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطانَ، وجَنِّب الشَّيطان ما رَزَقْتنا" (١).

وأما الذكر على (٢) نفس قضاء الحاجة، وجِماع الأهل فلا ريب أنه لا يُكْرَه بالقلب؛ لأنه لابُدَّ لقلبه مِنْ ذِكر، ولا يمكنه صرف قلبه عن ذكر من هو أحبُّ شيءٍ إليه، فلو كُلِّف القلبُ نسيانَه لكان تكليفًا بالمحال، كما قال القائل:

يُرَادُ من القَلْب نِسيانُكُم … وتَأبَى الطِّباعُ عَلى النَّاقِل (٣)

وأمَّا (٤) الذكر باللسان على هذه الحالة، فليس ممَّا شرَعَ لنا، ولا نَدَبَنا إليه رسولُ الله ، ولا نُقِل عن أحد من الصحابة (٥).


(١) سيأتي تخريجه (ص: ٣٥٠).
(٢) (ح): "وأمّا عند نفس".
(٣) البيت للمتنبي، في "ديوانه" (٢/ ٢٦ - العَرْف الطيّب).
(٤) (ح): "فأمّا".
(٥) ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الذكر باللسان في هذه الحالة.
قال أبو حاتم الرازي عقب حديث عائشة: "كان يذكر الله على كل أحيانه" -كما في "العلل" لابنه (١/ ٥١) -: =

<<  <  ج: ص:  >  >>