للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقلوب مريضة، وشفاؤها ودواؤها في ذكر الله تعالى.

قال مكحول: ذِكْرُ الله تعالى شفاء، وذِكْرُ الناس داء (١).

وذكره البيهقي عن مكحول مرفوعًا ومرسلًا (٢).

فإذا ذَكَرَتْهُ شفاها وعافاها، فإذا غفلت عنه انتكست، كما قيل:

إذَا مَرِضْنَا تَدَاوَيْنَا بذِكرِكُمُ … فَنتْرُك الذِّكْر أحْيَانًا فَنَنْتَكِسُ (٣)

الثامنة والأربعون: أن الذكر أصل موالاة الله ﷿ ورأسُها، والغفلة أصل معاداته وأُسُّها (٤)، فإن العبد لا يزال يذكر ربه ﷿ حتى يحبه فيواليه، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه ويعاديه.

قال الأوزاعي: قال حسان بن عطية: ما عادى عبدٌ ربَّه بشيءٍ أشدَّ عليه من أن يكره ذكره أو من يذكره (٥).

فهذه المعاداة سببها الغفلة، ولا تزال بالعبد حتى يكره ذكر الله ويكره


(١) لم أقف عليه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٩٣) من قول ابن عونٍ.
قال الذهبيّ في "السّير" (٦/ ٣٦٩) مُعلِّقًا:
"إي والله! فالعجب منّا ومن جهلنا كيف نَدَعُ الدواء، ونقتحم الداء؟! ".
(٢) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٢/ ٥٩٤)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (١٣٨٩) عن مكحولٍ مرسلًا.
وقال البيهقي: "هذا مرسل، ورُوِي عن عمر بن الخطاب من قوله".
(٣) ذكره المصنّف في "مدارج السالكين" (٢/ ٤٤٠)، ولعلّه له.
(٤) (ت) و (م): "ورأسُها".
(٥) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٩٩ - ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>