للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يذكره، فحينئذ يتخذُه عدوًّا كما اتخذ الذَّاكر وَليًّا.

التاسعة والأربعون: أنه ما استُجْلِبَتْ نعم الله ﷿ واسْتُدْفِعَتْ نِقَمُه بمثل ذكر الله تعالى، فالذكر جلَّابٌ للنِّعَم، دفّاعٌ للنِّقَم (١)، قال : ﴿إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، وفي القراءة الأخرى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ﴾ (٢) [الحج: ٣٨]، فَدَفْعُه ودفاعه عنهم بحسب قوة إيمانهم وكماله، ومادَّةُ الإيمان وقُوَّتُه بذكر الله تعالى، فمن كان أكمل إيمانًا، وأكثر ذكرًا كان دَفْعُ الله تعالى عنه ودفاعه أعظم، ومن نَقَصَ نَقَصَ، ذِكْرًا بِذِكْرٍ، ونسيانًا بنسيانٍ.

وقال : ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧].

والذِّكْرُ رأس الشكر، كما تقدم، والشكرُ جَلَّابُ النِّعَم، ومُوجِبٌ للمزيد.

قال بعض السلف رحمة الله عليهم: ما أقبح الغفلة عن ذكر مَنْ لا يَغفُلُ عن بِرِّك! (٣).


(١) (ت) و (م): "جلّاب النعم، دفّاع النّقم".
(٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو: "يَدْفَعُ"، وقرأ الباقون: "يُدافِع". انظر: "التبصرة" لمكيّ بن أبي طالب (٦٠١)، و"السبعة" لابن مجاهد (٤٣٧). وقراءةُ أهل الشام -ومنهم المصنِّف- في ذلك العصر هي قراءة أبي عمرو؛ فلذلك قدَّمها.
(٣) أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصّوفية" (٣١٧) عن مُمشاذ الدينوري، وعنده: "عن ذِكْرك" بدل قوله "عن بِرّك".
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٩٢) عن محمد بن عبد الوهاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>