للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

قراءةُ القرآن أفضلُ من الذِّكْر، والذِّكْرُ أفضلُ من الدعاء، هذا مِنْ حيث النظر إلى كُلٍّ منهما مُجَرَّدًا.

وقد يَعْرِضُ للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل يُعَيِّنُه، فلا يجوز أَنْ يُعْدَلَ عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود؛ فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءةُ فيهما مَنْهِيٌّ عنها نَهْيَ تحريم أو كراهة، وكذلك التسميع والتحميد في مَحَلِّهما أفضل من القراءة (١)، وكذلك التشهد، وكذلك "رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" بين السَّجدتين أفضل من القراءة، وكذلك الذكر عَقِيب السلام من الصلاة -ذكرُ التهليل، والتسبيح، والتكبير، والتحميد- أفضلُ من الاشتغال عنه بالقراءة، وكذلك إجابةُ المؤذن والقولُ كما يقول أفضل من القراءة، وإن كان فضل القرآن على كلِّ كلامٍ كفضل الله تعالى على خلقه، لكنْ لكلِّ مقامٍ مقالٌ، متى فات مقالُه فيه وعُدِلَ عنه إلى غيره اخْتَلَّتْ الحكمة، وفاتت (٢) المصلحة المطلوبة منه.

وهكذا الأذكار المُقَيَّدَةُ بِمَحَالَّ مخصوصةٍ أفضلُ من القراءة المطلقة، والقراءةُ المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللَّهُمَّ إلا أن


(١) انظر: "جلاء الأفهام" (٢٤٩ - ٢٥١) للمصنِّف، و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ٢٤٥ - ٢٤٧).
(٢) (ت) و (ح) و (ق): "وفُقِدَتْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>