للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالترخص الجافي أن يُبْرِد إلى فوات الوقت، أو مقاربة خروجه؛ فيكون مُتَرخِّصًا جافيًا.

وحكمة هذه الرخصة أن الصلاة في شدة الحر تمنع صاحبها من الخشوع والحضور، ويفعل العبادة بِتَكرُّهٍ وضجر، فمن حكمة الشارع أنْ أمرهم بتأخيرها حتى ينكسر الحَرُّ، فيصلي العبد بقلبٍ حاضر، ويحصل له مقصود الصلاة من الخشوع والإقبال على الله تعالى.

ومن هذا نهيه أن يصلي الرجل (١) بحضرة الطعام، أو عند مدافعة البول والغائط (٢)؛ لِتَعَلُّق قلبه من ذلك بما يُشَوِّشُ عليه مقصود الصلاة، فلا يحصل المراد منها. فَمِنْ فِقْهِ الرجل في عبادته أن يُقْبِل على شغله فيعمله، ثم يفرغ قلبه للصلاة، فيقوم فيها وقد فرغ قلبه لله تعالى ونَصَبَ وجهه له، وأقبل بِكُلِّيته عليه، فركعتان من هذه الصلاة يُغْفَرُ للمصلي بهما ما تقدم من ذنبه.

والمقصود أنّه لا يترخص ترخّصًا جافيًا.

ومن ذلك أنه رخّص للمسافر في الجمع بين الصلاتين عند العذر، وتعذُّرِ فعلِ كل صلاة في وقتها؛ لمواصلة السير، وتعذر النزول أو تعسُّرِه عليه. فإذا أقام في المنزل اليومين والثلاثة، أو أقام اليوم فَجَمْعُه بين الصلاتين لا موجب له؛ لتمكنه من فعل كل صلاة في وقتها من غير


(١) "الرجل" من (م).
(٢) أخرجه مسلم (٥٦٠) من حديث عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>