للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو عَمْرٍو: حَمْحَمَ الثَّوْرُ: إذا نَبَّ وأَرَادَ السِّفَادَ.

وقال الأصمعيُّ: أَحَمَّ نَفْسَه، إذا غَسَلَها بالماءِ البارِدِ.

وقال الأُمَوِيُّ: حَامَمْتُهُ مُحَامَّةً؛ أي: طَالَبْتُه.

وقال أبو زَيْدٍ: أَنَا مُحَامٌّ على هذا الأَمْرِ؛ أي: ثَابِتٌ عَلَيْهِ.

ويُقال: احْتَمَمْتُ، بِمَعْنَى: اهْتَمَمْتُ، لا يَكُونُ إِلَّا لَيْلًا.

وقال أبو عَمْرٍو: ثِيَابُ التَّحِمَّة ِ: ما يُلْبِسُ المُطَلِّقُ امْرَأَتَه، إذا مَتَّعَها؛ قال:

فإِنْ تَلْبَسِي عَنِّي ثِيَابَ تَحِمَّةٍ ... فلَنْ يُفْلِحَ الوَاشِي بِكِ المُتَنَصِّحُ

والحِمَّةُ، بالكسرِ: العَرَقُ.

ويُقالُ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الحَمَّامِ: طَابَتْ حِمَّتُكَ، وطَابَ حَمِيمُكَ؛ أي: طَابَ عَرَقُكَ؛ ولا يُقالُ: طَابَ حَمَّامُكَ؛ وذلك أَنَّ عَرَقَ الصَّحِيحِ طَيِّبٌ، وعَرَقَ السَّقِيمِ خَبِيثٌ.

وفي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: " إِنْ بُيِّتُّمُ اللَّيْلَةَ فقُولُوا: حم، لا يُنْصَرُونَ "؛ قِيلَ: إِنَّ " حم " مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ، عزَّ وجلَّ، وأَنَّ المَعْنَى: اللَّهُمَّ لا يُنْصَرُونَ. وفي هذا نَظَرٌ؛ لأنَّ " حم " لَيْسَ بِمَذْكُورٍ في أسْماءِ اللهِ المَعْدُودَةِ، ولأنَّ أَسْمَاءَهُ تَقَدَّسَتْ، مَا مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا وهُوَ صِفَةٌ مُفْصِحَةٌ عَنْ ثَنَاءٍ وتَمْجِيدٍ، و " حم " لَيْسَ إِلَّا اسْمَيْ حَرْفَيْنِ مِنْ حُرُوفِ المُعْجَمِ، فلا مَعْنَى تَحْتَه يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ بِه بِتِلْكَ المَثَابَةِ، ولِأَنَّهُ لَوْ كانَ اسْمًا كسَائِرِ الأَسْماءِ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ في آخِرِهِ إِعْرَابٌ، لِأَنَّهُ عَارٍ مِنْ عِلَلِ البِنَاءِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ قَاتِلَ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، لَمَّا جَعَلَه اسْمًا لِلسُّورَةِ كَيْفَ أَعْرَبَه، فقالَ:

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ والرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ

ومَنَعَه الصَّرْفَ لأنَّهُ عَلَمٌ ومُؤَنَّثٌ، والذي يُؤَدِّي إِلَيْهِ النَّظَرُ أَنَّ السُّوَرَ السَّبْعَ، التي في أَوَائِلِها " حم "، سُوَرٌ لَهَا شَأْنٌ، فنَبَّهَ، صلى الله عليه وسلم، على أَنَّ ذِكْرَها، لِشَرَفِ مَنْزِلَتِها، وفَخَامَةِ شَأْنِها عِنْدَ اللهِ، عزَّ وجلَّ، مِمَّا يُسْتَظْهَرُ بِه على اسْتِنْزَالِ رَحْمَةِ اللهِ في نُصْرَةِ المُؤْمِنِينَ، وفَلِّ شَوْكَةِ الكُفَّارِ، وفَضِّ خَدَمَتِهم.

وقَوْلُه " لا يُنْصَرُونَ " كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ، كَأَنَّهُ حِينَ قالَ: قُولُوا: حم "، قالَ لَهُ قَائِلٌ: مَاذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>