للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُقَال: أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك؛ أي: اعْرِفْ نَفْسَك؛ قال جَريرٌ يَهْجُو الفَرَزْدَقَ:

ولَكِنْ رَهْطُ أُمِّكَ مِن شُِيَيْمٍ ... فأَبصِرْ وَسْمَ قِدْحِكَ في القِدَاحِ

وفي حَديث عَمْرو بنِ العَاص، رضي الله عنه، أنّه اسْتَشار غُلامَه وَرْدانَ، وكان حَصِيفًا، في أَمْر عَليّ وأَمْر مُعَاوية، رَضِي الله عنهما، فأَجَابه وَرْدَانُ بما في نَفْسه؛ وقال له: الآخرةُ مَع عَليّ والدُّنْيا مَع مُعاويةَ، وما أُرَاكَ تَخْتار على الدُّنْيا؛ فقال عَمْرٌو:

يا قَاتَلَ اللهُ وَرْدَانًا وقِدْحَتَهُ ... أَبْدَى لَعَمْرُكَ ما في النَّفْسِ وَرْدَانُ

القِدْحَةُ، بالكَسر: اسمٌ مُشْتَقٌّ من: اقْتِداح النّار بالزَّنْد؛ والقَدْحَةُ، بالفَتْح: للمَرّة.

ضَرَبه مَثَلًا لاسْتِخْراجِه بالنَّظَر حَقِيقَةَ الأَمْر؛ ومنه الحَديثُ الذي جاء بلا طُرُقٍ: لو شَاء الله لَجَعل للناس قَِدْحةَ ظُلْمةٍ كما جَعَل لهم قَِدْحةَ نُورٍ.

وقال الجَوْهرِيّ: القَدِيحُ: ما يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ فيُغْرَفُ بِجَهْد؛ قال:

فَظَلَّ الإمَاءُ يَبْتَدِرْنَ قَدِيحَهَا ... كما ابْتَدَرَتْ كَلْبٌ مِيَاهَ قُرَاقِرِ

وهَكذا أَنْشده ابنُ فارسٍ، والرِّوايةُ " تَظَلُّ "، ولا يَصِحُّ المَعْنَى إلّا به، وليس يَحْكِي حَالةً واقعةً كما حَكَاها امرؤُ القَيْس بقَوْله:

فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِينَ بِلَحْمِهَا ... وشَحْمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ

والبيتُ للنّابغة الذُّبْيانيّ يَمْدَح أبا الشَّقْراء النُّعْمانَ بنَ جَبَلة، وقَبْله:

له بِفَِناءِ البَيْتِ دَهْمَاءُ جَوْنَةٌ ... تَلَقَّمُ أَوْسَاطَ الجَزُورِ العُرَاعِرِ

بَقِيّةُ قِدْرٍ مِن قُدُورٍ تُورِثَتْ ... لآلِ الجُلاحِ كابِرًا بَعْدَ كابِرِ

تَظَلُّ ... ... ... * ... ... ... ... ...

<<  <  ج: ص:  >  >>