للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لخيرك وقصدتك طمعًا في معروفك وضربته تأديبًا له. وإنما كان مصدرًا لا عينًا لأنه غرض، والأغراض إنما تكون أحداثًا لا جثثًا.

وكان العامل فيه من غير لفظه لأن الشيء يتوصل به إلى غيره، ولا يُتوصل به إلى نفسه ولا يكون كل مصدر، بل أكثر ما يقع من المصادر التي هي من أفعال النفوس كالطمع والرجاء والخيفة والإرادة والابتغاء، ولو قلت ضربته قتلاً له تريد هذا المعنى لم يصلح. ويقدر أبدًا باللام، ثم تُحذف، فيفضي الفعل إلى مجرورها فينصبه.

فالأصل في قولك: قصدتك ابتغاء عرفك، لابتغاء عرفك، ثم حذفت اللام فانتصب مجرورها، وقد يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه، فيلزم حينئذ ذكر اللام، فتقول: جئتك لعرفك؛ ولا يجوز حذف اللام من مثل هذا، لأنه يكون حذفًا بعد حذف، فيُنهيك الكلام، والحذف لا يقاس عليه في كل موضع مع أنه لو حذفت اللام، فانتصب المضاف إليه لالتبس في بعض المواضع بالمفعول به. فأما وقوعه معرفة ونكرة فكقول حاتم (١):

وأغفر عوراء الكريم ادخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرما (٢)

و"ادخاره" معرفة، "وتكرما" نكرة، وقد جمع البيت شاهدين.

وقد تقع الباء ومجرورها مفعولاً له كقوله تعالى "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم" (٣) وكذلك "من" ومجرورها كقوله


(١) ((حاتم الطائي .. -٤/ ٥٨٧، أبو عدي، الفارس الشاعر الجواد، الشعر والشعراء: ٧٠، الخزانة ١: ٤٩٤.
(٢) ((العوراء: الكلمة القبيحة أو الفعلة. ادخاره: إبقاء عليه. الديوان ٢٥ - ، الكتاب ١: ١٨٤، ٤٦٤، النوادر: ١١٠، الكامل: ٢٥٠ شرح الأبيات المشكلة الإعراب: ٩٣، أمالي الشجري ١: ١٣، أسرار العربية: ١٨٧، شرح الفصل ٢: ٥٤، اللسان (عور)، الخزانة ١: ٤٩١.
(٣) ((النساء: ٥٩.

<<  <   >  >>