للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استقلال الفعل بفاعله أو استيفائه مفعوله أشبهت المفعول، ومع شبهها بهذه الضروب من المنصوبات، فبينها وبين كل واحد منها فرق بل فروق.

فمن الفرق بينها وبين الظرف أن الظرف تعمل فيه المعاني، ويتقدم عليها ويتأخر عنها كقولك: لك كل يوم ثوب؛ وإن شئت قلت: كل يوم لك ثوب.

والعامل في كل وهو ظرف زمان الجار والمجرور وهو لك، وهو معنى لا فعل صريح والحال إذا عملت فيها المعاني لم يجز تقديمها عليها؛ تقول: زيد في الدار قائمًا، ولو قلت زيد قائمًا في الدار لم يجز تقدم الحال.

فإن كان العامل فعلاً جاز تقديم الحال عليه؛ كقولك: جاء زيد راكبًا وجاء راكبًا زيد وراكبًا جاء زيد، قال الله تعالى {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ} (١) [القمر: ٧] فـ "خاشعًا" حال، والعامل فيها "يخرجون" كما قدروه.

وأيضًا فإن الحال هي ذو الحال في المعنى؛ وهو إما الفاعل أو المفعول، وليس الظرف أحدهما. ومن الفرق بينها وبين التمييز أنها تكون في الأغلب بالأسماء المشتقات؛ والتمييز يكون بالأسماء الجامدات؛ كقولك في الحال: جاءني زيد ماشيًا؛ فـ "ماشٍ" اسم مشتق، وفي التمييز عشرون درهمًا فـ "درهم" اسم جامد؛ ولو قلت: عشرون صحيحًا لكان "صحيحًا" نعتًا لاسم جامد محذوف، كأنك قلت: دينارًا صحيحًا


(١) ((القمر ٥٤: ٧ {خاشعًا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر} و"خاشعًا" هي قراءة أبي عمرو البصري، زبان بن قائد وحمزة بن علي الزيات والكسائي.

<<  <   >  >>