للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجراها من الجار والمجرور متسع فيها. فإن دخلت "ما" على هذه الحروف كفتها عن العمل، فوقع الاسمان بعدها مرفوعين بالابتداء والخبر ووقع بعدها الفعل أيضًا؛ كقولك: إنما زيد قائم وإنما قام عمرو وليتما زيد منطلق، ولعلما عمرو منطلق، قال الله تعالى {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١] (١) وقال سبحانه {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ} [الرعد: ٧] (٢)، وقال عز من قائل {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: ٢٨] (٣) وقال الشاعر:

أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما ... أضاءت لك النار الحمار المقيدا (٤)

فأما "ليت" خاصة فإنها إذا دخلت عليها "ما" جاز أن تكون كافة فيرتفع الاسمان بعدها بالابتداء والخبر، ويقع الفعل أيضًا بعدها قياسًا، وهو قليل في الاستعمال؛ فتقول: ليتما عمرو قائم.

وجاز أن تكون ما مزيدة ملغاة دخولها كخروجها، فتبقى ليت على عملها في الاسمين النصب والرفع؛ وعلى الوجهين انشدوا بيت النابغة وهو:


(١) ((النساء ٤: ١٧١ {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ... إنما الله إله واحد، سبحانه أن يكون له ولد ... ".
(٢) ((الرعد ١٣: ٧ {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه، إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}.
(٣) ((فاطر: ٣٥: ٢٨ {ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك، إنما يخشى الله من عباده العلماء، إن الله عزيز غفور".
(٤) ((البيت للفرزدق (٠٠ - ١١٠/ ٧٢٨) وقد أنشده شاهدًا على أن ما إذا لحقت لعل كفتها عن العمل وأزالت اختصاصها بالأسماء، فجاز أن يليها الفعل والفاعل. أضاءت الحمار: معناه لعل النار قد كشفت لك الحمار وبينته. وهو في الديوان ١: ١٨٠ الإيضاح العضدي ١: ١٢٧، الأزهية: ٨٧، أمالي الشجري ٢: ٢٤١، شرح المفصل ٨: ٥٤٠، شذور الذهب: ٢٧٩، مغني اللبيب ١: ٣١٨.

<<  <   >  >>