للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقلب "إن" معنى الماضي إلى المستقبل كما يصح لم يقم أمس لقلب "لم" مع نفيها إياه معناه من غير المضي إلى المضي، فهي على ما ترى في هذا الحكم من القلب عكس "إن" الشرطية، لقلبها الماضي إلى المستقبل.

وتتصل "لم" بما دخلت عليه من الأفعال اتصالاً يجعلها معه كالجزء الواحد، فلهذا لا يجوز في الكلام المنثور، وهو حال السعة والاختيار، الفصل بينها وبينه، أعني "لم" وما نفته، وإن جاء شيء من الفصل بينها وبينه فإنما يجيء نزراً في بعض المنظوم وضرورة لإصلاح الوزن، وذلك مما لا يعمل عليه وكما أنشدوا:

(فأضحت مغانيها قفاراً رسومها ... كأن لم سوى أهلٍ من الوحش تؤهل) (١)

أراد: كأن لم تؤهل سوى أهلٍ من الوحش، ففصل كما ترى.

والفصل في الكلام نظمه ونثره كثير، منه الحسن ومنه القبيح وهذا منه؛ وكلما كثر الفصل، لاسيما بين شديدي الاتصال كان أقبح. وقد يقع الفصل بين أشياء بأشياء وقع فيها التقديم والتأخير. ومن طريف الفصل والمقدم والمؤخر أما أنشدنيه بعض أهل الأدب قديماً من قول الشاعر:

(فأصبحت بعد خط بهجتها ... كأن قفراً رسومها قلما) (٢)


(١) الشاهد لذي الرمة. الديوان: ٥٩١ الخصائص ٢: ٤١٠، معنى اللبيب ١: ٣٠٨، الخزانة ٣: ٢٦.
(٢) في البيت فساد من وجهين: أحدهما تقديم خبر كأن عليها، وهو لا يقدم على اسمها فكيف على نفسها لأنها حرف، فليس لها تصرف الفعل في التقديم – والتأخير – والثاني أنه فصل بين كأن واسمها بما ليس ظرفاً، ولا يفصل بينهما بشيء من الكلام إلا بالظروف وحروف الجر نحو قولك: كأن فيها زيداً قائم. والشاهد في شرح الأبيات المشكلة الإعراب: ٢٥٤، الإنصاف: ٤٣١، اللسان "خطط" ولم يعز فيها.

<<  <   >  >>