للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان متروكاً على أصله لم يجز هذا فيه. فإذا كان كذلك دلك على أنه منقول كما وصفنا.

فأما قول أبي الحسن "عبد الله أخطب ما يكون قائمٌ" فهو قبيح قريب من الامتناع، وذلك أن "أخطب" قد خرج من أصله، وألزم ما دل على ذلك من الإضافة إلى الأحداث، فإذا أضيف إلى الأحداث كان منزلاً على الاتساع حدثاً، فإذا رفعته مع هذا الذي ذكرنا أنه قد أُلزمه، فقد نقضت ذلك الغرض، فقبُح ذلك وبعُد لإلزامهم إياه ما يدل على إخراجه عن أصله، فالرفع في الخبر، مع إضافة المبتدأ إلى ما يجعله حدثاً، لا يستقيم؛ لأنك كأنك الآن تخبر عن الحال بالقيام، والحال لا تقوم، فتعيده بذلك إلى ما قد أخرج عنه.

فإن قلت: فإن القيام قد يكون عبارة عما هو خلاف القعود كقولهم "قام البيع" و {ما دمت عليه قائماً}، فما تنكر أن تخبر عن الحال هنا بقيام على هذا الحد ليس على الذي هو خلاف القعود؟

فإن ذلك لا يستقيم؛ ألا ترى أن المراد إنما هو خلاف القعود، وليس الآخر، فلا يستقيم الرفع لهذا؛ ألا ترى أن الآخر ليس بالأول؛ لأن "أحسن" الذي هو حال مضاف إلى جملة أحوال لا توصف بهذا الوصف، ولا يصح فيه من حيث لم يكن خبر المبتدأ، فإذا لم يجز ذلك جعلته حالاً من الذكر الذي في "كان" المضاف إليها الظرف المحذوف.

ووجه قول أبي الحسن أنه يحمله على المعنى؛ لأن "أخطب" وإن كان قد جعل عبارة عن حدث بدلالة إضافته إلى الأحداث، فهو في الأصل والحقيقة على غير ذلك، فتحمل الكلام على الأصل والمعنى، وهذا قبيح لأن هذا الأصل قد أزيل عنه، وألزم ما خرج عن ذلك، فقبح أن ترده إلى الأصل

<<  <   >  >>