للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لام الفعل من "ضربتُ" و "ضربتُم"، حذفت الثاني لالتقاء الساكنين، كما حذفت العين من "هبتُ" و "خِفتُ" و "هِبتُمْ" و "خِفْتُمْ" لذلك.

فإن قلت: فهلا ألقيت الحركة المقدرة في الثاني على الحرف الأول، كما ألقيت حركة العين على الفاء في "خِفْتُمْ" "هِبْتُم" و "هِبْتَ" و "خِفْتَ"؟

فالجواب: أن هذه الحركة لما رفضوا استعمالها، وإن كانت مقدرة في الأصل، جرت مجرى ما أصله السكون، ولم يلزم ذلك في "خاف" و "هاب"؛ لأن انقلابها بمنزلة كون الحركة فيها؛ ألا ترى أنه لولا تقدير الحركة لم تقلب، وكان ذلك في "ليس" واجباً إذا قالوا "ظلتُ" و "مستُ"، فحذفوا عيناً مستعملة الحركة، ولم يلقوا حركتها على الفاء. فإذا كان الشبهان في الشيء، بل الشبه الواحد إذا قام في الشيء من الشيء يجذبه إلى حكم الذي فيه الشبه، نحو إعمالهم "لا" عمل "ليس" لموافقتها في النفي، فلا نظر أن ما حصل فيه من الشبه مثل ما حصل في قولهم "ليس" من الفعل، يجب أن يعمل عمله، وتكون قوته في ذلك بحسب كثرة الشبه فيه. فهذا من جهة القياس.

فأما في السماع فهو في الفشو والكثرة بحيث يستغنى عن ذكره، ولو لم يعاضد القياس السماع حتى يجيء السمع بشيء خارج عن القياس، لوجب اطراح القياس والمصير إلى ما أتى به السمع؛ ألا ترى أن التعلق بالقياس من غير مراعاة السماع معه يؤدي إلى الخروج عن لغتهم، والنطق بما هو خطأ في كلامهم، فلو أعللت نحو "استحوذ"، ولم تراع فيه السماع، وقلت: إن بابه كله جاء مُعلاً نحو "استعاد" و "واستفاد"، فكذلك أُعِلُّ هذا المثال قياساً على هذا الكثير الشائع، لكنت ناطقاً بغير لغتهم، ومدخلاً فيها السمع، فأما أن يُترك السماع للقياس فخطأ فاحش، وعدول عن الصواب بين؛ ألا ترى أنه يجوز في القياس أشياء كثيرة نحو الجر في "لدن غُدوة"،

<<  <   >  >>