للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في الهند أكثر من أربعين سنة كما صرّح بذلك، ثمّ نقل كلامه مرتضى الزبيدي ولم يعارضه. وهو الذي ولد في بلدة (بلجرام) في الولاية الشمالية (أترابراديش حاليًا) في الهند، ونشأ فيها، ودرس على بعض مشاهير علمائها في دلهي وغيرها، قبل أن يخرج إلى اليمن. ويرى الفيروزابادي الذي لم يكن غريبًا عن الهند، فقد كان ممّن زارها، أن اللفظ كأنه وهم = إذا تأمّل أحد ذلك وضمّ إليه ما قاله الصغاني في الوجه الأول إن الخليل لم يذكره - وعليه كان اعتماد ابن عباد في نقله - بدأ الشك يساوره في صحّة نقل ابن عباد، وإن كان حديث عهد بكتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي سارع إلى اتّهام ابن عباد باختلاقه.

والكلمات لها حظوظ مثل حظوظ الناس، فأتيح لكلمة (دكنكص) - بعد وفاة الصغاني (٦٥٠ هـ) بنحو ثمانية قرون - لغوي آخر من الهند، يزيل عنها غبار الشك الذي أثاره كلام بلديه، فنقض الوجوه التي أوردها، وصوّب نقل ابن عباد، وردّ الكلمة الدخيلة إلى أصلها، وفسّر ما أصابها من تغيّر قبل انتقالها إلى العربية.

فقال في ردّه على الوجه الأول من الوجوه الثلاثة التي ذكرها الصغاني: إنّ الخليل ذكر كلمة قريبة منه، فقال في العين (٥/ ٤٢٥): "الدككص اسم نهر بالهند، بلغتهم، ليست بالعربية، ودليل ذلك أنه لا يلتقي في كلمة عربية حرفان مثلان في حشو الكلمة إلاّ بفصل لازم كالعقنقل ... ".

ويرى كاتب هذه السطور أن ذلك راجع إلى اضطراب في نسخ العين، فالظاهر أن النسخة التي كانت بين يدي الصغاني لم يرد فيها (دكنكص) ولا (دككص). أمّا نسخته التي اعتمد عليها ابن عباد فكان فيها (دكنكص) لا غير (١). وممّا يدلّ على ذلك أن الأصول التي اعتمد عليها ناشر كتاب العين


(١) لم ترد كلمة (دكنكص) في فهرس المواد اللغوية في آخر المحيط، لأن المنهج الذي سلكه محقّقه فرض عليه أن يثبت في المتن (ركنكص) بالراء، لأنّها جاءت كذا في النسخة التي اتّخذها أصلًا!

<<  <   >  >>