للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يعتمد عليه من هذه الأقوال الأربعة هو قول سيبويه، وسائر الأقوال إما راجع إليه، وإما ساقط فلا يعرج عليه. فمما يدل على أن الناصب له هو الفعل اتفاق النحويين على تسمية (عمرو) في هذه المسألة ونظيرتها مفعولاً به؛ ذلك أن فعل زيد الضرب وقع به؛ لأن (عمراً) ليس بمفعول لـ (زيد) على الحقيقة. وإنما المفعول على الحقيقة (الضرب) ولأجل هذا سمي حدثاً؛ لأن الفاعل أحداثه، ولأجل هذا سمي الضرب مفعولاً مطلقاً. فإذا كان (عمرو) إنما صار مفعولاً بمباشرة فعل زيد إياه ووقوعه به صح أن فعل (زيد) هو الناصب له، لا زيد. وأما قول هشام: إن الفاعل الذي هو [زيد هو] العامل في (عمرو) دون الفعل؛ فإنما قال ذلك من قبل أن الاعتماد إنما هو الفاعل لأنه الموجد للضرب والمحدث له، فلما كان كذلك صار الضرب وعمرو معاً مفعولين لـ (زيد)، إلا أن الضرب مفعول لـ (زيد) لا واسطة بينه وبينه، وعمرو مفعول لـ (زيد) بواسطة الضرب. وهذا الذي اعتقده هشام. وإن كان صحيحاً من طريق المعنى، فإنه لا يوجد أن يكون (زيد) هو الناصب لـ (عمرو) على مقاييس النحويين، بل هو خارج عن قوانينهم غير مستمر على أصولهم، وهو منتقض عليه من وجوه: أحدهما: أن النحويين لا يريدون بقولهم: (فاعل) في صناعة النحو الفاعل الحقيقي، وإنما الفاعل عندهم ما أسند إليه الحديث قبله، وحدث به عنه، سواء كان مخترعاً للفعل أو غير مخترع، ألا تراهم يقولون: مات زيد، ومرض عمرو، ولم

<<  <   >  >>