للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله، رسالة مفيدة قد نبذ ما فيها قضاة المغرب وعدولهم، واقتصروا على مختصر خليل وشروحه، وصار أعظم فتاويهم منها لعمرى أن من اشتغل بأخذ الفقه من خليل وشروحه وترك أخذ الفقه من كتب الأقدمين المرضيين الذين نفع الله بهم المسلمين، فإنه كما قيل هرق الماء واتبع السراب وهذا أول كلامنا في الرسالة المذكورة، وهى في فتاوى الأقدمين المأخوذة من كتب الأئمة المرضيين رضى الله عنهم وأرضاهم.

أولهم الإمام القدوة أبو عبد الله سيدى محمد بن الحسن الشيبانى رحمه الله تعالى الذى حمل مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة رضى الله عنه على كاهله، وحمل أيضًا مذهب الإمام مالك رضى الله عنه على كاهله، وقرأ عليه عالم قريش الإمام أبو عبد الله سيدى محمد بن إدريس الشافعى رضى الله عنه، فهذا الشيخ المذكور رضى الله عنه أعنى سيدى محمد بن الحسن الشيبانى، إليه ترجع رواية المذاهب الثلاثة، فإذا أردت معرفته وعلو درجته فانظر ترجمته في مسند الإمام أبى حنيفة يتضح لك جميع ما ذكرنا، وتجده مستوفى كما أشرنا.

ثم يليه من أصحاب مالك الذين حملوا عنه مذهبه كابن القاسم، وأشهب، وابن نافع، وابن وهب، ومطرف، وابن الماجشون وغيرهم ممن أدرك الإمام مالكا، وكذلك الذين جاءوا بعدهم ولم يدركوه فأخذوا عن أصحابه كسحنون، وابنه محمد، وأصبغ، وابن المواز، وابن حبيب، والقاضى إسماعيل، وابن عبدوس وغيرهم، وكذا الذين جاءوا بعد هؤلاء كابن القصار، والقاضى عبد الوهاب، والأبهرى، والقابسى، وابن أبى زيد فهؤلاء الأئمة المذكورون هم المقتدى بهم في أقوالهم وأفعالهم ولا تصح الفتوى إلا من كتبهم.

وأما من اشتغل بالفتاوى المأخوذة من أقوال الأجهوريين وغيرهم من أصحاب خليل مثل بهرام، والبساطى، والتتائى، والسنهورى، والسودانى، وأمثالهم من أصحاب خليل وترك الفتوى من كتب الأقدمين المرضيين المذكورين فقد خرج عن المنهاج القويم، والصراط المستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>