للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: قال ابن أبى زرع: ومن تابعه ومن سعادتها يعنى فاسا الجديد وسعادة طالعها أنها لا يموت فيها خليفة ولم يخرج منها لواء إلا نصر، ولا جيش إلا ظفر، انتهى.

وأقول كم لواء خرج منها فكسر. وجيش فهزم ودمر. والعيان أكبر شاهد وحسبك ما وقع أواخر الدولة العزيزية في فتنة أبى خمارة التي قضت على ما كان من بقية الرمق بالمغرب، وسيمر بك بحول الله وقوته تفصيل ذلك، نعم إن قصرت تلك المقالة على ما سلف كما هو مقتضى ظاهر لفظها فلا بحث إلا من جهة أن المقالة تقتضى أن عدم وقوع ذلك في سالفه لأجل خصوصية هناك، مع أن ذلك إنما كان اتفاقيا وإلا لدام، والله أعلم.

ثم قال في الروض: وبنى السلطان أبو يوسف أيضا بمكناسة مدرسة الشهود التي بأعلى سماطهم هنالك، ويقال لها مدرسة القاضى، لأنها كان يدرس بها القاضى أبو على الحسن بن عطية الونشريسى وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى، ثم نوه بها أبو الحسن المرينى المسمى بأبى الحسنات الكثير الآثار بالمغرب الأقصى والأوسط والأندلس، فبنى فيها مرافق كثيرة كزاوية القورجّة، وزاوية باب المشاوريين وغير ذلك من السقايات والقناطر في طرقاتها ونحوها، ومن أجلِّ ذلك المدرسة الجديدة، وكان قدم للنظر على بنائها قاضيه على المدينة المذكورة أبا محمد عبد الله بن أبى الغمر (١).

فحدثنى والدى (٢) -رحمه الله- أنه كان يسمع ممن أدرك من الشيوخ أن السلطان أبا الحسن رحمه الله تعالى لما أخبر بتمام بنائها جاء إليها ليراها، فقعد على كرسى من كراسى الوضوء حول صهريجها، وجئ بالرسوم المتضمنة للتنفيذات اللازمة فيها، فغرقها في الصهريج قبل أن يطالع بما فيها وأنشد:

لا بأس بالغالى إذا قيل حسن ... ليس لما قرت به العين ثمن


(١) الروض الهتون - ص ٨٨.
(٢) الروض الهتون - ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>