للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستحسان وحظوته تتزايد إلى أن صار يولى من أشار بولايته ويعزل من أشار بعزله، ثم أرجع الفقيه بو عشرين لوزارته، وفوض له أمور القبائل المندرجة في خلافته، فبنى قبة سيدى عمارة خارج باب القصبة بمراكش، وبنى مسجد مولاى عبد الله بفاس الجديد، غير أنه انتقد عليه بناء ذلك، وأمر باتخاذ مسجد مولاى عبد الله مخزنا للشعير وإغلاقه حيث إن الناس في استغناء عنه بتعدد المساجد، ولم يقبل شفاعة الشافعين في فتحه إلى أن خطب الفقيه الخطيب سيدى علال الفاسى في جمعة من الجمع بالمسجد الأعظم بفاس الجديد والسلطان إذ ذاك حاضر، فقرأ في خطبته قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ... (١١٤)} [البقرة: ١١٤]. فتأثر السلطان لما سمع ذلك وأمر بفتح المسجد حينا فكان للخطيب بذلك جميل ويد بيضاء لدى المترجم وأولاه الإنعامات والتنافيذ الجزيلة التي ورثه بنوه من بعده.

ولما توفى الوزير الصدر المذكور، وتولى الوزارة السيد العربي الجامعى حملته الدالة بالمصاهرة والأثرة لدى السلطان على أن صار لا يبالى بالمترجم ويغض من مكانته، فتذمر لذلك، واشتكى لوالده بأن الأوامر المهمة لا تصله مكاتيبها إلا بإمضاء الوزير مع أحقيتها بالطابع الشريف، وكان ذلك عند ملاقاتهما ببلاد الشاوية، فواعده والده بانه إذا وصل لمراكش عزله ومن ثم تغير للوزير، ووظف عليه مائة ألف ريال غرامة فادى منها سبعين ألفا وعجز عن الباقى، ولما وصل لمراكش عزله كما ومحمد المترجم، وولى الفقيه السيد محمد غريط بإشارته.

وكانت العادة بينه وبين والده أنه إذا كان والده بمراكش نهض هو للقيام بأعباء الخلافة بمكناس وفاس والعكس، وعلى هذا استمر عملهما إلى أن ليس والده داعى مولاه بالعاصمة المكناسية يوم الاثنين التاسع والعشرين من المحرم عام ستة وسبعين ومائتين وألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>