للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو محمد العربى بن السائح، وجماعة يتجاذبون أطراف المذاكرة إلى أن قال بعضهم لمزيته - صلى الله عليه وسلم -، والمترجم وراء الباب مع أوباش الشرطيين غير مبالى به، وعليه أثواب رثة وسخة، فناداهم قائلا: يا فقيه المزية لا تقتضى التفضيل، فبهتوا وانقطع حديثهم، وصار بعضهم ينظر لبعض فقال لهم الوزير وهو إذ ذاك موسى بن أحمد: ما لكم سكتم؟ فقال المترجم مجيبا له من وراء الباب بقوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (٨٥)} [سورة النمل: آية ٨٥].

فاستدنوه إذ ذاك منهم، وقالوا له مثلك لا يجلس هنالك، وسألوه عن حسبه ونسبه وأين قرأ، وعمّن أَخذ فعرفهم بذلك وشاركهم في المذاكرة، فقالوا له: بين لنا معنى كون المزية لا تقتضى التفضيل، فقال: إن الوزير رعاه الله وأعز أوامره له من نفوذ الكلمة والأوامر المطاعة ما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، إذ قد ميزه المولى تبارك وتعالى بجعل سر كلمة التكوين بين شفتيه، أرأيتم لو أمر بضرب أحدنا أو سجنه وإخراجه من هذا البساط مذموما مدحورا لامتثل أمره على الفور ونفذ بالفعل وفق ما أمر به، فهذه مزية له امتاز بها دوننا وهي لا تقتضى تفضيله، بل منا من هو أفضل منه، فأَنصت الكل لمقاله وأنصف، وله بالفضيلة الجميع اعترف، وأقدوه قدره، وقضى الوزير في الحال أمره، ثم إن المترجم تخلى في آخر عمره عن جميع الأشغال الدنيوية، ولازم الضريح العلمي، واشتغل بعبادة ربه حتَّى أتاه اليقين، ولم يزل نهما يتطلب العلم ويحضر مجالسه ويذاكر أهله إلى أن ختمت أنفاسه رحمه الله.

مشيخته: أخذ عن السيد المفضل بن عزوز، والسيد فضول السوسى، والسيد المختار الأجراوى، والسيد محمد بن الجيلانى السقاط، والسيد أحمد ابن سودة المرى، والحاج المختار بن عبد الله وشاركهم في جل شيوخهم، كالسيد مبارك بن عبد الله الفيضى، والسيد الهادى بادو، والسيد المهدى ابن سودة، والسيد العباس ابن كيران.

<<  <  ج: ص:  >  >>