للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونهض من تادلا وسار إلى أن خيم بأبي فكران وتوجه لاستقباله، ثم أهل فاس ومكناسة أشراف وعلماء وأعيان، ولما مثلوا بين يديه وقدموا إليه بيعتهم سب وجدع وهدد وأوعد على ما صدر منهم وتكرر من شق العصا والخروج عن الطاعة، وقتل جماعة من أعيانهم، وعزل قاضى العاصمة المكناسية أبا القاسم العميرى، وولى مكانه الطالب بوعنان، وألقى القبض على عاملها مسعود بن عبود، وولى على فاس محمد بن على ويشى.

ولكنه لما توجه إليها لم يستطع الدخول إليها خوفا على نفسه من الإيقاع به، ونزل بالقصبة الجديدة إذ كان فيها عبيد المترجم وخاصته أدالة.

وفى يوم الخميس خامس عشرى صفر مد الودايا يد النهب والسلب في الطرقات، ونهبوا ما كان بسوق الخميس من الماشية والدواب، أخذوا من البقر نحو الألفين، ومن البغال نحو سبعمائة، ومن الثياب عددا عديدا، وأغاروا على سرح أهل فاس وعاثوا في ضواحيها والسبل الموصلة إليها، واتفق أن كان اليوم العنصرة، وفى اليوم نفسه شرع أهل فاس في بناء أسوار المدينة التي تهدمت.

وفى يوم الأربعاء فاتح ربيع الأول قدم مسعود الروسى من مكناس لفاس والمدينة في حصار، فزار الضريح الإدريسى وانصرف لداره بالعدوة، فسأله بعض القوم عن سبب مجيئه، فقال: إن السلطان مولاى عبد الله ولانى حكومة فاس، ولما شاع ذلك النبأ تحزبت الغوغاء والأخلاط وهجموا عليه وقتلوه أمام داره وجروه إلى توتة الصفارين، وهموا بتعليقه عليها فتعذر (١) حمله لضخامة جثته وبقى ملقى هناك إلى الغد هـ.

وفى نظرى أن ما جاء في تاريخ الضعيف نقلاً عن تاريخ ابن موسى أصح وأقعد، لأنّه عاصر المترجم وحفظ ووعى وقيد على عهده ونقل كلامه الضعيف ولم يتعقبه.


(١) في هامش المطبوع: "لا تعذر في الضخامة مع التحزب المذكور".

<<  <  ج: ص:  >  >>