للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفائس معاليهم فوق الدر النظيم، صلاة وسلاما يشملان أصحابه الذين قاموا على الواجب بأعباء ما رغب فيه وأمر، وأجمعوا على إنفاذ عهد أبي بكر بالخلافة لعمر، وحافظوا على التمسك بسنته في الحديث والقديم، وواصل اللهم رضوانك الأكبر، ورحمتك الموجودة في المورد والمصدر، على ساداتنا العلماء الذين بلغونا عنه حقائق الدين، وأئمتنا الخلفاء المهتدين، الذين لم يزالوا شجى في لغاديد المعتدين، وسرجا يستضاء بهم في دياجى ليل الخطب البهيم.

ونضرع لك في تأييد مولانا الإمام الَّذي عقدت عليه الخناصر، وقطع به أثر كل باغ متمرد فما له من قوة ولا ناصر، وكففت به أكف أهل العداء وإخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون، ومننت على العباد تيمنا به بعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون، والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم.

أما بعد: هذه الفاتحة التي تيسر لها من الآمال كل مرتجى، وأطلقت من ألسنة المسألة والابتهال ما كان معقودا مرتجا، ورسخت في قواعد التأييد والظفر سوقها، ونفقت في متاجر العز والتمكين سوقها، وسقاها اليمن وابل عهاده، وأحلها الإقبال بحبوحة صدره وفسيح مهاده، وأسرعت نحوها الآمال خاضعة، ولبت دعوتها أعيان الأكابر وأكابر الأعيان مطرقة متواضعة، وابتسمت لها ثغور اليمن ضاحكة بملء فيها، وهش لها من كل قلب منيب يبتغى الديانة ويصطفيها، فإن الله جل جلاله، وعز كماله، دعا خلقه والصحف مطوية والأقلام جافة، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْم كَافَةً ... (٢٠٨)} [البقرة: ٢٠٨]. وإن الإمامة العظمى من الدين بمحل الروح من الجسد، والشجاعة من الأسد، ومنصب عظيم الخطر والبال، ومرتبة يعز منالها بتكلف واهتبال، ولكنها موهبة من الله يرشح لها من اختصه بفضله ومبرته، ومظهر قدرة حفته عناية قوله عليه السلام: إذا أراد الله أن يخلق خلقا للخلافة مسح يده على ناصيته، وقد احتضنتها بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>