للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب والحمد لله أبوة نبوية، ونسبة هاشمية علوية، فتمت له المآرب بهالات البدور، وانشرحت به الصدور من الصدور، فإنها دولة رفعت منار العدل على العلم المنيف، وأمنت كل مروع من الخطوب في إقامة الدين الحنيف، وازدهت بالخلافة بيض أيامها وغر لياليها، واتسقت لها المفاخر الجسام من مواليها، ونشرت أعلام الفضل المبذول للأنام على السوية، وحاطتها أيدى الأقدار لحسن السيرة وصفاء الطوية، وصارت أزمانها على التجدد موسما وعيدا، وأمنتها عناية الملك الحق إسعادا وتأييدًا، بأمراء ورثوا سر النبوءة كابرا عن كابر، وتأثلوا الفخر التليد المتلو في المصاحف على رءوس المنابر، حتَّى أفضت بالتأييد والمبرة العميمة، إلى صدر صدورهم الَّذي حاز من هذا الفخر صميمه، إمامنا الَّذي لم يختلف في عدله وفضله اثنان، وسلطاننا الَّذي أيد الله به الدين وقلده أمر المسلمين فما بات عن مصالحهم بطرف وسنان، سلطان العلماء وعالم السلاطين أبي الربيع مولانا سليمان، فلم يأل جهدًا رضي الله عنه في نصيحة يدخرها لغده، ومبرة يتعجلها حيثما مرت على خلده، مؤيدا للدين والسنن، موضحا بالقول والفعل كل نهج حسن، رافعا منار الحق وشعاره، جاعلا تقوى الله دثاره وشعاره.

وكانت أيامه الغر شامة في محيا الدهر، وعوامله المرجوة المخوفة محيية للمهج قاصمة للظهر، في خفض ودعة، وبركة وسعة، لا جرم قد طلع في آفاق السعد مطلعا قفى به وفاق سلفه، ويسر له وعلى يديه من الآمال ما أجزل به أجره وأدخله كنفه، وناهيك به من إمام حسنت أياديه فهي لعيون الزمان نواظر، وطابت بعدله أغصان السول فهي زواه نواضر، تزهى في ثوب العز والقبول، وتميس ببرد قشيب بين الصبا والقبول، وللناس ببركته سرور وازدهاء، والأيام في طرب من مراد واشتهاء.

وهو لنا أب بر ونحن له بنون، تجرى بأمره الأقدار وعلى حكم خواطره

<<  <  ج: ص:  >  >>