للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنون، حتَّى اشتاق إلى ربه، وأحس بإجابة الداعى من قلبه، نظر رحمه الله شفقا في الأمانة، في عصابة أبقى الله على خلقه ببقائهم أمانه، فاختبر على محك السبر يواقيت الآل، ونفائس اللآل، فتخير أثبتها جنانا، وأقواها نجدة وبيانا، وأوفرها مروءة وديانة، وأكملها عدالة وصيانة، وأجمعها لشرائط الإمامة اتفاقا، وأوعبها لضروب الكمال في سوق المعارف والعوارف نفاقا، وكان هذا البدر الساطع، والسيف القاطع، حسنة الدهر، وشذا خمائل الزهر، المفضال المبرز في ميدان العلوم بذكائه، والمقدام المجلى في مضمار السبق بذكائه.

طالع الأمن في غرة الأزمان، ويتيمة الفخر التي تضاءلت لعلو مقدارها الأرواح والأثمان، أبو زيد مولانا عبد الرحمن ابن أخيه أمير المؤمنين مولانا هشام ابن أمير المؤمنين السلطان الجليل مولانا إسماعيل الشريف الحسنى العلوى.

فعهد إليه بالخلافة بعده، وألزم كل واحد من رعيته السمع والطاعة له جهده، فكان أمره رحمه الله حتما، وعهده حكما، ولما تحول رحمه الله للملك الكبير، وجوار الملك الخبير، وثبت عهده الَّذي نصح فيه لله ولرسوله وللمسلمين كان أول من قام بتنفيذ أمره العاطر الأنفاس، صدور العلماء وعلماء الصدور بحاضرة فاس، في جملة من بها من الأئمة والأشراف الذين هم بدور الحنادس المدلهمة، وعامة المسلمين وخاصتهم، والجيش السعيد من الوداية وغيرهم، فقلدوه الإمامة الجسيمة، ورفعوا ببيعتهم منار الإسلام اغتناما لبركته العميمة، فقام بها علما، وأرضاها عدلا وسيفا وقلما، وأفاض سجال الفضل وهو أيسر شمائله، وسار سيرة أخجلت ورود الزهر في خمائله، فأرتهم محاسنه من ضروب الحسن والإحسان عجائب أحجم المقوال عن إبانة فضلها، وتلت عليهم باليمن والعافية {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ منْهَا أَوْ مِثْلِهَا ... (١٠٦)} [البقرة: ١٠٦].

وإنا معشر أهل رباط الفتح من الخاصة والعامة من ساداتنا الشرفاء والفقهاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>