للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصفه الزيانى ومن تبعه بالبخل والشح، والظاهر أن المترجم لم تكن يده مغلولة إلى عنقه ولا مبسوطة كل البسط كأخيه أبى العباس أحمد الذهبى الذى أفضى به جوده إلى حد التبذير المذموم من اتصف به على لسان الشارع، وقد بلغ جيش عبيد البخارى ومن في حكمهم من الشره ما صير الاقتصاد المحمود في نظرهم شحا وبخلا، يدل لذلك ما يتلى عليك مما بذله من العطاء لوفود البيعة وغيرهم.

وقد كان عقد له والده قبل على درعة وأعمالها، وأنزله بقصبتها، ورتب معه ألف فارس، وذلك سنة إحدى عشرة ومائة وألف، ولما كانت سنة أربع عشرة حاربه صنوه أبو النصر وشرده من محل مأموريته، ففر لضريح أبى العلاء إدريس الأكبر بزرهون، واستولى أخوه أبو النصر المذكور على درعة، فبعث السلطان والده ولده المولى الشريف إلى درعة واليا عليها، ثم ولى صاحب الترجمة على سوس.

قال ابن الخياط ما ملخصه: لما قبض الله والده إليه بايعه أهل مراكش وبلاد السوس، إذ كان عاملا لوالده على تلك البلاد، وكان محل استيطانه بتارودانت، أما عبيد البخارى الذين كانوا بمكناس ومشرع الرملة فبايعوا لصنو المترجم أبا العباس أحمد المعروف بالذهبى خليفة والده المرحوم بتادلا، ثم وقع بين المترجم وصنوه المذكور قتال وحروب انجلت بظفر العبيد وانهزام صاحب الترجمة، فرجع لتارودانت، ثم بعد مدة خلع العبيد أبا العباس المذكور، وبايعوا لصاحب الترجمة ووجهوا له بيعتهم لتارودانت واستقدموه فقدم، ولما حل بمكناسة وفدت عليه وجوه فاس ببيعتهم على منبر جامع القصبة، وكانت البيعة من إنشاء الشيخ أبى مدين الفاسى وقفت عليها بخطه في مسودتها وإليك نصها:

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد المصطفى الكريم، وعلى آله وصحبه أولى البر والتعظيم، أفضل الصلاة وأزكى التسليم،

<<  <  ج: ص:  >  >>