للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا، الحمد لله الملك الفتاح، بحده في كل الأمور يحمد الاستفتاح، فتح لنا أبواب السعادة من فضله وارتضى لنا الإسلام دينا قويما، وشرع لنا منه منهاجا واضحا وسبيلا مستقيما، وأسبغ علينا بسابغة كنتم خير أمه أخرجت للناس فضلا عميما، عجزت العقول عن كنه ذاته فضلت في بيداء الأوهام، وحارت الأفكار في باهر صفاته فأصبحت طائشة السهام. وسددت الأفهام الثاقبة إلى محيط علمه فكان القصور قصارى تلك الأفهام، ووقفت توقف الانقطاع عن بلوغ ذلك المرام، لا تستطيع تأخيًرا ولا تقديما، تقدس في ربوبيته عن الشبيه والنظير، والشريك والمعين والظهير والوزير، وتنزه في وحدانيته وكبريائه عن لواحق المحدثات، وأحاط علما بالكائنات، على تباين الأنواع وتنافر الأضداد والمشابهات، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض إنه كان عليما حكيما، وتبارك الله الذى خلق الخلق أطوارا، وأودعهم من حكمته لطائف وأسرارا، وأحسن خلقهم تقويما، وأودع قلوبهم من هداية العقل نورا، وألهمهم طريق النظر والاستدلال فعلموا بسواطع البراهين أن لهم صانعا قديرا، يسر لهم المآرب تيسيرا، وتمم لهم المصالح تتميما، وجبلهم على التمدن والائتلاف، ولم يجعل من سجاياهم التنافى والتباعد والاختلاف، وبوأهم من عصمة النفس والمال حرما أمينا، وأهلهم ليسلكوا من رفقه ولطفه سبيلا مبينا، وألزمتهم وظائف التكليف مفروضا ومسنوبا، ومحظورا ومحتوما.

والحمد لله الذى لا تحصى ضروب نعمه المترادفة، ولا تنفذ خزائن رحمته مع اتصال سحائبها الواكفة، ويعطى من لجأ إليه وتوكل علية فضلا جسيما، فبأى مواهبه العميمة نغرى لسان التحميد، وفى أى باب من الأبواب آلائه الكريمة تحط

<<  <  ج: ص:  >  >>