للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نص الكتاب، فإن الصوفية الحقيقييّن قوم خلص الله بواطنهم وظواهرهم، ونور بمعرفته سرائرهم، وأقامهم على درجة الاختصاص والقرب، فهم القوم لا يشقى جليسهم، ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة.

قال ابن عبد السلام: والله لقد قعد الصوفية على قواعد الشرع التي لا تتهدم، ومبغضهم في دركات حرابة الله، ففى الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -: من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب، فالمعترض لهم بالقول السيئ لا إخاله إلا استبطأ غضب الله ونقمته، ورام أن ينقض من عهد الله حرمته، والله حسيب أقوام نسبوا إليهم ما هم منه أخلياء، ورموا الحط من مقاماتهم وتلطيخهم بما هم منه أبرياء، ولا تزر وازرة وزرة أخرى، وإنما المراد المتصوفة المخلطون المدعون المتهورون.

الثانى: قد عمم صاحب القطعة الشعرية في تحريم الشبابة وما شاكلها، وليس ذلك على إطلاقه، ومحمل ذلك على من يمزج الذكر بالشطح والرقص وضرب الصدور ونتف الشعور والتشبه بالحيوانات العادية وأكل الميتة والتلطيخ بالدم المسفوح المحرم بنص الكتاب {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ... (٣)} [سورة المائدة: آية: ٣] {... إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا ... . (١٤٥)} [سورة الأنعام آية: ١٤٥] الآيتين، إلى غير هذا من أنواع المجون كالمزمار والطبل والتلحين، إذ ذكر الله ينبغى تعظيمه، وإجلاله وإقبال المتلبس به بسره وعلانيته على الله بخشوع وفراغ القلب من غير المذكور ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، وتدبر قول الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... (٣٥)} [سورة الحج آية: ٣٥] وضرورة أن الوجل مباين لحضور آلة اللهو ويباينها تمام المباينة، ومعلوم أن الموضوع مخصوص فكيف إذا انضم لآلة اللهو ما ذكر والتفصيل في ذلك قد علم في مسائل الفقه، وألم به العلماء في أبواب خصوصا مبحث الولائم فليراجع في

<<  <  ج: ص:  >  >>