للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من اجتمع منهم مع السلطان يبدي له دسائس في قوالب نصائح ويقول له يا سيدي: إن ملكك لازال إلى الآن لم يتم، ولا يؤمن عليك من هؤلاء العمال والوزراء والكتاب الذين كانت بيدهم مقاليد الملك أيام والدك، فإنهم لا يرونك شيئا وأنت محجوب بهم عن الرعية، ولابد من قيامهم عليك وتقديم غيرك من إخوتك وترشيحه للملك دونك، وكان المترجم يميل إليهم كل الميل لضعف فكرته عن السياسة، وتدبير أمر الملك والرياسة، أي ولكونه مغلوبا على أمره يخاف بأسهم ولا يري رأْيا إلا رأيهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

ولما تمكنوا منه وأوغروا صدره على من بيده الحل والإبرام من ولاة أمره وأمر والده من قبله أغروه أي بعد أن أقاموا له الحجج على الفتك بأركان السياسة الذين هم للملك عماد كأبي العباس أحمد بن على اليازغي وكان عامل الجبال كلها سهلها ووعرها نافذ الحكم فيها، يرسل رسولا واحد في قضايا متعددة فتنفذ الأوامر كلها وفق ما أمر في أقرب الأوقات، ويأتي الرجل الواحد إليه بالمساجين العديدة من صياصي الجبل والقبائل العظيمة من غير قيد ولا يحدث أحد نفسه بالهروب لعلمه بنفوذ كلمته وطول يده في طول البلاد والعرض، وأنه لات حين مناص، وقد كان هذا العامل ناصحا للسلطان يجمع المال من وجوهه ويودعه في خزائن السلطان يبذل النصح ولا يعرف غشا ولا خديعة، وكان السلطان مولانا إسماعيل يعرف أمانته وصدقه وينزله منزلته ويقدره قدره ولا يسمع فيه مقالة طاعن.

وعلى بن يش: وكان قائد أهل الديوان وعامل البربر ورئيس العمال، وكان من ذوي الرأي والتدبير والعقل الراسخ، لا يقدر أحد من البربر أن يملك فرسا ولا مكحلة ولا يحوم حول ذلك، وبسبب ذلك صارت رءوس الجبال البربرية الصْعبة المسالك تمر فيها الأطفال وضعاف النساء في أمان واطمئنان لا يلحقهم أدني مروع ولا مشوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>